والأحبار. فلما تمادوا أخذتهم العقوبات. فمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن ينزل بكم مثل الذي نزل بهم. واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يقطع رزقا ، ولا يقرب أجلا (١).
وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد وبخت اليهود على حسدهم للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله ، ووصفتهم بجملة من الصفات الذميمة حتى يحذرهم المؤمنون ، ويجعلوا ولاءهم لله ولرسوله ولإخوانهم في العقيدة والدين.
ثم حكى ـ سبحانه ـ بعد ذلك لونا آخر من سوء معتقد اليهود ، وخبث طويتهم ، وسوء أدبهم مع الله ـ تعالى ـ فقال :
(وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)(٦٤)
قال ابن عباس : قال رجل من اليهود يقال له شاس بن قيس : يا محمد إن ربك بخيل لا ينفق. فأنزل الله هذه الآية (٢).
وقد أضاف ـ سبحانه ـ المقالة إلى اليهود جميعا ، لأنهم لم ينكروا على القائل ما قاله ورضوا به.
وقال عكرمة : إنما قال هذا فنحاص بن عازوراء وأصحابه. فقد كانت لهم أموال فلما كفروا بالنبي صلىاللهعليهوسلم قل ما لهم ، فقالوا ما قالوا.
وقيل : إنهم لما رأوا النبي صلىاللهعليهوسلم في فقر وقلة مال وسمعوا (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) قالوا : إن إله محمد بخيل (٣).
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٧٤
(٢) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٧٥
(٣) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٢٣٨