(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٦٩)
فالآية الكريمة تبين أن أساس النجاة يوم القيامة هو الإيمان بالله واليوم الآخر ، وما يستتبع ذلك من أفعال طيبة وأعمال صالحة.
وقد ذكر ـ سبحانه ـ في هذه الآية أربع فرق من الناس :
أما الفرقة الأولى : فهي فرقة المؤمنين ، وهم الذين عبر عنهم ـ سبحانه ـ بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) أى : آمنوا إيمانا صادقا ، بأن أذعنوا للحق الذي جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم واتبعوه في كل ما جاء به.
وقد ابتدأ القرآن بهم لشرفهم وعلو منزلتهم وللإشعار بأن دين الإسلام دين قائم على أساس أن الفوز برضا الله لا ينال إلا بالإيمان الصادق والعمل الصالح ، ولا فضل لأمة على أمة إلا بذلك.
والفرقة الثانية : فرقة الذين هادوا. أى اليهود. يقال : هاد وتهود إذا دخل في اليهودية. وسموا يهودا نسبة إلى يهوذا أكبر أولاد يعقوب ـ عليهالسلام ـ وقد قلبت الذال في كلمة يهوذا دالا في التعريب. أو سموا حين تابوا من عبادة العجل من هاد يهود هودا بمعنى تاب ومنه قوله ـ تعالى ـ (إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) أى : تبنا ورجعنا إليك.
والفرقة الثالثة : فرقة الصابئين جمع صابئ وهو الخارج من دين إلى دين. يقال صبا الظلف والناب والنجم ـ منع وكرم ـ إذا طلع.
والمراد بهم قوم يعبدون الملائكة ، أو الكواكب ويزعمون أنهم على دين صابئ بن شيث بن آدم ، ولا تزال بقية منهم تعيش في تخوم العراق ، ومن العسير الجزم بحقيقة معتقدهم ، لأنهم أكتم الناس لعقائدهم.
وأما الفرقة الرابعة : فهي فرقة النصارى جمع نصران بمعنى نصراني قيل سموا بذلك لأنهم ادعوا أنهم أنصار عيسى ـ عليهالسلام ـ وقيل سموا بذلك نسبة إلى قرية الناصرة التي ظهر بها عيسى ـ عليهالسلام ـ واتبعه بعض أهلها.
والإيمان المشار إليه في قوله : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يفسره بعض العلماء بالنسبة