يحزنون. فالإخبار عن اليهود ومن بعدهم بما ذكر مشروط بالإيمان لا مطلقا (١).
وقد ذكر صاحب الكشاف وجها آخر فقال : قوله : (وَالصَّابِئُونَ) رفع على الابتداء وخبره محذوف. والنية به التأخير عما في حيز إن من اسمها وخبرها. كأنه قيل : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا. والصابئون كذلك.
ثم قال : فإن قلت ما التأخير والتقديم إلا لفائدة فما فائدة هذا التقديم؟
قلت : فائدته التنبيه على أن الصابئين يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح فما الظن بغيرهم؟ وذلك لأن الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالا وأشدهم غيا ، وما سموا صابئين إلا لأنهم صبئوا عن الأديان كلها أى : خرجوا» (٢).
والخلاصة ، أن الآية الكريمة مسوقة للترغيب في الإيمان والعمل الصالح ببيان أن كل من آمن بالله واليوم الآخر ، واتبع ما جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم واستمر على هذا الإيمان وهذا الاتباع إلى أن فارق هذه الحياة ، فإن الله ـ تعالى ـ يرضى عنه ويثيبه ثوابا حسنا ، وبتجاوز عما فرط منه من ذنوب ، لأن الإيمان الصادق يجب ما قبله ، من عقائد زائفة ، وأعمال باطلة وأقوال فاسدة.
وبعد أن فتح ـ سبحانه ـ باب الإيمان أمام أهل الكتاب وغيرهم لكي يدخلوه فينالوا رضاه ومثوبته. عقب ذلك باستئناف الحديث من أنواع أخرى من الرذائل التي عرفت عن بنى إسرائيل فقال ـ تعالى ـ :
(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (٧٠) وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)(٧١)
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ١ ص ٥١١.
(٢) تفسير الكشاف ج ١ ص ٦٦١