قال ابن مسعود : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم متكئا فجلس فقال : «لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا ـ أى تحملوهم على التزام الحق وتعطفوهم عليه».
وروى الترمذي عن حذيفة بن اليمان : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم».
وروى الإمام أحمد عن عدى بن عميرة ـ رضى الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله ـ لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه. فإذا فعلوا ذلك لعن الله العامة والخاصة».
وروى ابن ماجة عن أنس بن مالك قال يا رسول الله ، متى نترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ قال : «إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم قلنا : يا رسول الله ، وما الذي ظهر في الأمم قبلنا؟ قال صلىاللهعليهوسلم : الملك في صغاركم ، والفاحشة في كباركم ، والعلم في رذالتكم» (١) أى في فساقكم.
هذا جانب من الأحاديث التي وردت في وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. فعلى الأمة الاسلامية أن تقوم بحقها حتى تكون مستحقة لمدح الله ـ تعالى ـ لها بقوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) (٢).
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما كان يقوم به اليهود في العهد النبوي من تحالف مع المشركين ضد المسلمين فقال : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا).
أى : ترى ـ أيها الرسول الكريم ـ كثيرا من بنى إسرائيل المعاصرين لك يوالون الكافرين ويحالفونهم عليك ؛ بسبب حسدهم لك على ما آتاك الله من فضله وبسبب كراهتهم للإسلام والمسلمين.
والذي يقرأ تاريخ الدعوة الاسلامية يرى أن اليهود كانوا دائما يضعون العراقيل في طريقها ، ويناصرون كل محارب لها ، ففي غزوة الأحزاب انضم بنو قريظة إلى المشركين ولم يقيموا وزنا للعهود والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين (٣).
وفي كل زمان ومكان نرى أن اليهود يحاربون الإسلام والمسلمين ، ويؤيدون كل من يريد لهما الشرور والاضرار.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٨٣
(٢) سورة آل عمران الآية ١١٠
(٣) راجع كتابنا بنو إسرائيل في القرآن والسنة ج ٤ ص ٣٠٧ مبحث تحالفهم مع المنافقين ضد المسلمين.