فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم «هل علمت أن الله حرمها» قال : لا. قال : فسار رجلا فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم «بم ساررته»؟ قال : أمرته أن يبيعها ، فقال : «إن الذي حرم شربها حرم بيعها».
ثم قال القرطبي : وهذه الآيات تدل على أن كل لهو دعا قليله إلى كثيره ، وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه ، وصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو كشرب الخمر ، ووجب أن يكون حراما مثله (١).
٤ ـ هذه الآيات الكريمة تدل على تأكيد تحريم الخمر وما ذكر معها من رذائل ، كما تدل على تحريم ما تؤدى إليه من مفاسد ومضار ، وما يحيق بمرتكبها من سوء عاقبة.
وقد ساق ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات جملة من الأحاديث في هذا المعنى ، ومن هذه الأحاديث ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعنت الخمر على عشرة أوجه : «لعنت الخمر بعينها ، وشاربها ، وساقيها وبائعها ومبتاعها ، وعاصرها ومعتصرها ، وحاملها والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها».
وقال ابن وهب ـ قال عبد الله بن عمر : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق لوالديه ، والمدمن الخمر ، والمنان بما أعطى».
وروى أبو داود عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كل مخمر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب مسكرا بخست صلاته أربعين صباحا ، فإن تاب ؛ تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة كان حقّا على الله أن يسقيه من طينة الخبال ، قيل : وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال صلىاللهعليهوسلم : «صديد أهل النار» (٢).
هذا جانب من الأحكام التي أخذها العلماء من هذه الآيات الكريمة ، ومن الأحاديث التي وردت في حرمة الخمر وفي سوء مصير شاربها.
وقد أتبع ـ سبحانه ـ ذلك ببيان حكم من شربها ومات قبل أن ينزل تحريمها فقال ـ تعالى ـ :
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(٩٣)
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٢٨٨ ـ بتصرف وتلخيص
(٢) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٩٢