تجنب أبناؤها وهم محرمون أو في الحرم مصيد البر مهما أغراهم قربه منهم ، وحبهم له على صيده والانتفاع به.
بينما أخفق بنو إسرائيل فيما يشبه هذا الاختبار ؛ فقد نهاهم الله ـ تعالى ـ عن الصيد في يوم السبت ، فكانت الأسماك تظهر لهم في هذا اليوم امتحانا من الله لهم ، فما كان منهم إلا أن تحايلوا على صيدها ، بأن حبسوها في يوم السبت ليصيدوها في غيره .. فاستحقوا من الله اللعنة والمسخ واستحقت الأمة الإسلامية أن تكون خير أمة أخرجت للناس.
ثم نهى ـ سبحانه ـ المؤمنين نهيا صريحا عن قتل الصيد وهم حرم وبين ما يجب على القاتل. وكرر تحذيره وتهديده لمن يتعدى حدوده فقال ـ تعالى ـ :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ)(٩٥)
قال القرطبي : قوله ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) خطاب عام لكل مسلم ، وهذا النهى هو الابتلاء المذكور في قوله ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) .. الآية وروى أن أبا اليسر ـ واسمه عمرو بن مالك الأنصارى ـ كان محرما عام الحديبية بعمرة فقتل حمار وحش فنزلت هذه الآية (١).
والمراد بالصيد هنا المصيد ، لأنه هو الذي يقع عليه القتل.
وقوله (حُرُمٌ) جمع حرام. وهذا اللفظ يتناول المحرم بالحج أو بالعمرة أو بهما وإن كان في الحل ، كما يتناول من كان في الحرم وإن كان حلالا.
قال ابن جرير : والحرم جمع حرام ، يقال : هذا رجل حرام ، وهذه امرأة حرام ، فإذا قيل محرم ، قيل للمرأة محرمة والإحرام : هو الدخول فيه. يقال : أحرم القوم : إذا دخلوا في الشهر الحرام أو في الحرم ، فتأويل الكلام : لا تقتلوا الصيد وأنتم محرمون» (٢).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٣٠٢.
(٢) تفسير ابن جرير ج ٧ ص ٤٠.