فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (١) وروى الإمام مسلّم ـ أيضا ـ عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه. لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» (٢).
وقوله ـ تعالى ـ (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) تذييل قصد به إنذار الذين يتعاونون على الإثم والعدوان. أى : اتقوا الله ـ أيها الناس ـ واخشوه فيما أمركم ونهاكم ، فإنه ـ سبحانه شديد العقاب لمن خالف أمره ، وانحرف عن طريقه القويم.
وبذلك نرى أن الآية الكريمة قد نهت المؤمنين عن استحلال ما حرمه الله عليهم من محارم ، وعن الإخلال بشيء من أحكامها ، كما نهتهم عن أن يحملهم بغضهم لغيرهم على الاعتداء عليه وأمرتهم بأن يتعاونوا على فعل الخير الذي ينفعهم وينفع غيرهم من الناس وعلى ما يوصلهم إلى طاعته ـ سبحانه ـ وحسن مثوبته ، ولا يتعاونوا على الأفعال التي يأثم فاعلها ، وعلى مجاوزة حدود الله بالاعتداء على غيرهم. ثم حذرتهم في نهايتها من العقاب الشديد الذي ينزله سبحانه ـ بكل من عصاه ، وانحرف عن هداه.
ثم شرع ـ سبحانه ـ في بيان المحرمات التي أشار إليها قبل ذلك بقوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) فبين ما يحرم أكله من الحيوان لأسباب معينة فقال ـ تعالى ـ :
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
__________________
(١) صحيح مسلّم ـ كتاب الإمارة ـ ج ٦ ص ٤١ ـ طبعة مصطفى الحلبي سنة ١٣٨٠ ه سنة ١٩٦٠
(٢) صحيح مسلّم ـ كتاب العلم ـ ج ٨ ص ٦٢