وهذه بعض الأحكام والآداب التي استلهمها العلماء من الآية الكريمة. وهناك أحكام أخرى ذكرناها خلال تفسيرنا لألفاظ الآية الكريمة.
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ أنواعا من : المحرمات. شرع في بيان ما أحله لهم من طيبات فقال ـ تعالى ـ
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)(٤)
أورد المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها ما أخرجه ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير عن عدى بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين أنهما سألا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالا : يا رسول الله ، قد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها؟ فنزلت هذه الآية (١).
والمعنى : يسألك أصحابك يا محمد ما الذي أحل لهم من المطاعم بعد أن عرفوا ما حرم منها؟ قل لهم أحل الله لكم الطيبات.
والطيبات : جمع طيب وهو الشيء المستلذ. وفسره بعضهم بالحلال.
أى : قل لهم أحل الله لكم الأطعمة الطيبة التي تستلذها النفوس المستقيمة وتستطيبها ولا تستقذرها ، والتي لم يرد في الشرع ما يحرمها ويمنع من تناولها.
وفي قوله (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) التفات من الحاضر إلى الغائب ، لأن في السياق حكاية عنهم كما يقال : أقسم فلان ليفعلن كذا ، لأن هذا الالتفات أدعى إلى تنبيه الأذهان ، وتوجيهها إلى ما يراد منها.
وقد أمر الله ـ تعالى ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يتولى الجواب عن سؤالهم لأنه هو المبلغ للرسالة وهو المبين لهم ما حفى؟؟؟ عليهم من أمور دينهم ودنياهم.
وقوله (ما ذا) اسم استفهام مبتدأ ، وقوله (أُحِلَّ لَهُمْ) خبره كقولك : أى شيء أحل لهم.
وجواب سؤالهم جاء في قوله تعالى : (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ).
وقوله : (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ) معطوف على الطيبات بتقدير مضاف و (ما) موصولة. والعائد محذوف.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ١٥.