والجملة الكريمة (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) تعليل لقوله (وَاتَّقُوا اللهَ) وكرر ـ سبحانه ـ اسمه الجليل لإشعار المؤمنين برقابته التامة عليهم. واطلاعه على أحوالهم المختلفة ، وأعمالهم المتنوعة وللإشارة إلى أنه إذا كان ـ سبحانه ـ يعلم خفيات الأمور ، فمن باب أولى يعلم جلياتها.
وبعد أن أمر الله ـ تعالى ـ عباده المؤمنين بالوفاء بمواثيقه ، أتبع ذلك بأمرهم بالتزام الحق في كل أقوالهم وأعمالهم ، وذكرهم بما أفاء عليهم من نعم فقال ـ سبحانه ـ :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨) وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(١١)
وقوله : (قَوَّامِينَ) جمع قوام. وهو صيغة مبالغة من قائم. والقوام : هو المبالغ في القيام بالشيء. وفي الإتيان به على أتم وجه وأحسنه.
وقوله : (شُهَداءَ) جمع شهيد ـ بوزن فعيل ـ والأصل في هذه الصيغة ، دلالتها على الصفات الراسخة في النفس ككريم وحكيم.