مواضع ، وهي أشبه بتنزيل المكي. وأول هذه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وفيها الخطاب بذلك في مواضع وهو أشبه بخطاب المدني. وتقديم العام وشبه المكي أنسب (١).
٦ ـ وقد وردت روايات تفيد أن سورة المائدة نزلت على النبي صلىاللهعليهوسلم دفعة واحدة. ومن هذه الروايات ما أخرجه الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت : إنى لآخذة بزمام ناقة رسول الله العضباء ، إذ نزلت عليه المائدة كلها. فكادت من ثقلها تدق عنق الناقة (٢).
وروى الإمام أحمد ـ أيضا ـ عن عبد الله بن عمرو قال : أنزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته ، فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها (٣).
وهناك روايات أخرى تحدثت عن زمان ومكان نزولها ، ومن هذه الروايات ما أخرجه أبو عبيد عن محمد القرظي قال : نزلت سورة المائدة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجة الوداع فيما بين مكة والمدينة (٤).
وقال القرطبي : وروى أنها نزلت عند منصرف رسول الله من الحديبية (٥).
وهناك روايات تحدثت عن زمان ومكان نزول بعض آياتها.
قال السيوطي في كتابه «الإتقان» ـ عند حديثه عن معرفة الحضري والسفرى ـ : وللسفرى أمثلة منها : قوله ـ تعالى ـ (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ففي الصحيح عن عمر بن الخطاب : أنها نزلت عشية عرفة يوم الجمعة ، عام حجة الوداع.
ومنها : آية التيمم. ففي الصحيح عن عائشة ، أنها نزلت بالبيداء وهم داخلون المدينة ـ بعد انتهائهم من غزوة المريسيع كما جاء في بعض الروايات.
ومنها : قوله ـ تعالى ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ) فقد نزلت ببطن نخل.
ومنها : قوله ـ تعالى ـ (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فقد نزلت في غزوة ذات الرقاع.
وهذه الآيات جميعها من سورة المائدة» (٦).
والذي تطمئن إليه النفس عند تلاوة سورة المائدة بتدبر وإمعان فكر ، وعند مراجعة الروايات
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ٤٨. طبعة منير الدمشقي
(٢ ، ٣) تفسير ابن كثير ج ٢ طبعة عيسى الحلبي.
(٤) تفسير الآلوسى ج ٦ ص ٤٧.
(٥) تفسير القرطبي ج ٦ ص ٣٠
(٦) الإتقان في علوم القرآن ج ١ ص ١٨ طبعة مصطفى الحلبي سنة ١٩٥١.