كلها مستفادة من قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).
وقال تعالى في بعض أخباره التي أخبر نبيه عليهالسلام : «لا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى كنت سمعه الذي يسمع بي ، وبصره الذي يبصر بي ، ولسانه الذي ينطق بي ، وقلبه الذي يعقل بي» (١).
فإذا كان جميع وجوده مستغرقا في رؤية خالقه فكيف لا يطلع على مكنونات الغيب ومطلعه بنعت صفة الخاص هو الله تعالى.
وقيل : الحكمة إشارة لا علة فيها ، وقيل : الحكمة إشهاد الحق على جميع الأحوال ، وقيل : الحكمة تجريد السر بورود الإلهام.
وقال أبو عثمان : الحكمة هي النور المفرق بين الإلهام والوسواس.
وقال الشيخ أبو عبد الرحمن : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت الكتاني يقول : إن الله بعث الرسل بالنصح لأنفس خلقه ، وأنزل الكتاب لتنبيه قلوبهم وإنزال الحكمة لتسكن أرواحهم بها ، والرسول داع إلى أمره ، والكتاب داع إلى أحكامه والحكمة مشيرة إلى فضله.
وقال القاسم : الحكمة أن يحكم عليك خاطر الحق ، ولا يحكم عليك شهوتك.
وقال الجنيد : أحيا الله قوما بالحكمة ومدحهم عليها فقال : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (٢).
وقال عبد الله بن المبارك : الحكمة الخشية.
وقيل : الحكمة إصابة القول مع صحة الفعل بالإخلاص.
وقال بعضهم : متى أثر فيك الحكمة؟ قال : منذ بدأت أحقر نفسي.
قال بعضهم : الحكمة كنز الله ، والحكماء فيها ذمة الله ، أمرهم ربهم أن ينفقوا كنز الله على عباد الله.
وقال بعضهم : الحكمة نور الفطنة.
وقال معروف الكرخي : من حسن علمه نزلت الحكمة في قلبه.
وقال سهل : الحكمة هي مجمع العلوم وأصلها السنة.
قال الله تعالى (وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) [الأحزاب : ٣٤] والآيات الفرض والحكمة السنة.
__________________
(١) رواه البخاري (٦١٣٧) ، وابن حبان (٢ / ٥٨) بنحوه.
(٢) فثبت أن الحكمة من المواهب لا من المكاسب ؛ لأنها الأقوال لا من المقامات والمعقولات التى سمتها الحكماء حكمة ليست بحكمة فإنها من نتائج الفكر السليم. تفسير حقي (١٠ / ٤٠٤).