والقانتين : الذين لازموا الباب ، وداوموا على تجرع الاكتساب ، وترك المحاب ، وبغض الأصحاب إلى أن تحققوا بالاقتراب.
والمنفقين : الذين جادوا بنفوسهم من حيث الأعمال ، ثم جادوا بميسورهم من الأموال ، ثم جادوا بقلوبهم بصدق الأحوال ، ثم جادوا بترك كل حظ لهم في العاجل والآجل استهلاكا عن القرب في الوصال بما لقوا به من الاصطلاح والاستيصال.
والمستغفرين : عن جميع ذلك إذا رجعوا إلى الصحو عند الأسحار يعني : ظهور الأسفار ، وهو فجر القلوب لا فجر يظهر في الأقطار.
وقال أبو عمرو المكي : ليس الصبر ترك الاختيار على الله ، ولكن الصبر هو الثبات فيه ، وتلقي بلاءه بالرحب والرغبة.
وقال عمرو : من صبر على رؤية المنة يكون تلذذه بالبلاء كتلذذه بالمنن إذ هما من عين واحدة.
وقال جعفر : الصبر ما كتب فيه محفوظا ، والتصبر فيه ما رددت فيه إلى حالك وعجزك.
وقال ابن عطاء : الصابرون هم الذين صبروا بالله في طاعة الله مع الله ، والصادقون هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه عن صدق قويم ، واعتماد صحيح وسر لا يشوبه شيء ، والقانتون هم الذين أطاعوا في سرهم وعلانيتهم ، والمستغفرون بالأسحار الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع.
وقال بعضهم : الصابرون مع الله على موارد قضائه ، والصادقون في توحيدهم ومحبتهم والقانتون الراجعون إليه في السراء والضراء ، والمنفقون ما سواه ، والمستغفرون بالأسحار من أفعالهم وأقوالهم.
وقال ابن عطاء : الصابرون الذين صبروا على ما أمروا به ، والصادقون الذين صدقوا ما أقروا به من الميثاق الأول والقانتون القائمون لفنون العبادات ، والمنفقون الذين ينفقون أنفسهم وأرواحهم في رضا مولاهم ، والمستغفرون بالأسحار الذين لا يفترون عن خدمته بحال.
وقال أيضا : الصابرون الذين حبسوا أنفسهم على مطالعة المكاشفات ، والصادقون الذين صدقوا في محبته ، والقانتون الذين ربطوا أنفسهم بخدمته ، والمستغفرون بالأسحار لزموا الباب إلى أن يؤذن لهم.
وقال أيضا : الصبر مقام المحبين ، والصدق مقام العارفين ، والقنوت مقام العابدين ، والإنفاق مقام المريدين ، والاستغفار مقام المذنبين.