ثبتوا مع الله.
وقال الشبلي : شهادة أن لا إله إلا الله عشرة أحرف ستة في الظاهر ، وأربعة في الباطن ، فأما التي في الظاهر فذكر الله بلا رياء ، والثاني : أداء الأمر بلا عيب ولا تقصير ، والثالث : كف النفس عن المحارم ، والرابع : النصيحة للمؤمنين ، والخامس : الفرار من الآثام ، والسادس : معاداة النفس ، وأما اللواتي في البواطن فإيمان ومعرفة بالقلب ونية وخشوع وفكرة واستقامة مع رؤية التوفيق فمن فعل هذا كله فقد شهد الله بالحقيقة.
وقيل للشبلي : لم تقول : الله ، ولا تقول : لا إله إلا الله؟
قال : القول شمس تغالب فقدها بثبوتها ، فإذا استحال الفقد ماذا يغلب ، ثم قال : وهل ينفى إلا ما يستحيل كونه؟ وهل يثبت إلا ما يجوز فقده؟
وقال المزني ـ رحمهالله : دخل ابن منصور مكة ، فسئل عن شهادة الزور للحق بالوحدانية ، وعن التوحيد فتكلم فيه حتى نسينا التوحيد ، فقلنا : هذا يليق بالحق به من حيث رضي به نعتا وأمرا ، ولا يليق به وصفا ولا حقيقة ، كما رضي بشكرنا لنعمه ، وأنى يليق شكرنا بنعمه.
وقال : ما دمت تشير فلست بموحد حتى يستولي الحق على إشارتك بإفنائها عنك فلا يبقى مشير ولا إشارة.
وقال أبو سليمان الداراني : تطلب رضا ربك ، وتبخل بمالك وتعجز عن طاعتك كلا فالشاهد لله بالحقيقة من لا يخل بروحه ونفسه وقلبه في رضا مولاه.
وقال بعضهم : (شَهِدَ اللهُ) علم الله لأنه معلوم نفسه بكمال العلم والشهادة إخبار عن العلم والإسلام أصول وفروع وكلها تتشعب من أصل واحد وهو الوحدانية.
وقيل في قوله : (وَأُولُوا الْعِلْمِ) : أن العلماء ثلاثة : عالم بأمر الله وأحكامه فهم علماء الشريعة ، وعالم بصفاته ونعوته فهم علماء السنة ، وعالم به وبأسمائه فهم العلماء الربانيين.
وقوله تعالى : (هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) العزيز أن يمتنع كنه قدمه من مطالعة المخلوقين ، وأيضا العزيز الذي لا يصفه أحد إلا برسم وصفه نفسه الحكيم ، هو الذي حكم حقيقة الشهادة لنفسه ورسمها بعباده.
والحكيم أيضا الذي حجب الخلق عن نفسه أن يروه بما حصل لهم من رسم توحيده في قلوبهم ، أن ما حصل من رسوم التوحيد للعباد مشوب بطيف الخيال ، وما يبرز من حقيقة التوحيد من جلال عظمته يخالف ما خطر في قلوبهم.
وقيل : العزيز الممتنع عن أن يلحقه توحيد موحد أو وصفة واصف إلا على الأمر