فيحرسون أسرارهم عن شوائب الحوادث ، ويحفظون أنوارهم عن إطلاع الخلائق ، ويصونون ما أوحى الله إليهم من أسرار الإلهام عن تحريفات الشياطين وأباطيلهم ، وقسم منهم أهل الحقيقة ، وإنفاقهم ثلثه الدعاء على العصاة ، وتحلم إيذاءهم على طيب النفس ، وترك الطمع في مجازاتهم ، فهؤلاء رحمة الله على عباده ، فالخلق مصرمون عن المصارف ، وهم مكثرون بالكواشف ، فيّضهم الله لبقاء العباد والبلاد ، ليلتجئ إليهم مرتابون الأحوال ، وأهل رغائب الآلاء ، وقسم منهم أهل السر وإنفاقهم ثلثه كتمان الأسرار من خوف غيره الحق عليهم وخروجهم مرادهم لمراد الحق وتفقد جمال غيب غيبه في صدورهم غيبه عن الخلق وقسم منهم العارفون وإنفاقهم ثلثه يتركون الدنيا لأهلها ويتركون الآخرة ولذتها ، ويجلسون على باب مولاهم منصرمين عما سواه ، مفلحين إليه بنعت رغائب المحبة ، مفتقرين إلى مشاهدته بصفاء العبودية ، يحسموا عن المكونات ، وانقطعوا إليه عن المخلوقات ، وطبقة منهم أهل التوحيد ، وهم على عشرة أقسام ، قسم منهم أهل القبض ، وإنفاقهم ثلثه عد أنفاس المراقبات في مقام الحزن وصب الدماء في حين العشق والتأوه من صميم القلب في مقام الشوق ، وقسم منهم أهل البسط ، وإنفاقهم ثلثه الفرح بوجنتي الحبيب ، والزفرة من مخاطبة الرقيب ، والتقرب بكثرة النوافل إلى القريب ، وقسم منهم أهل السكر ، وإنفاقهم ثلثه الشروع في السماع وطلب الوصل بالنغمات ، واستنشاق نفحات القرب بالمراقبات ، وقسم منهم أهل الصحو ، وإنفاقهم ثلثه السكون في مرارة الهجران والحنين ، من شوق الرحمن والتحنن على خلقه شفقة على أحوالهم ، والتمكين في محاربة الشيطان ، وقسم منهم أهل الفناء ، وإنفاقهم ثلثه تزكية الأسرار بالذكر ، وتربية الأحوال بالفكر ، وذم الأشباح بزمان المجاهدة ، وقسم منهم أهل البقاء ، وإنفاقهم ثلثه ذكر المشاهدات ، ونشر الكرامات والتخلص من المجاهدات بتحصيل المكاشفات ، وقسم منهم أهل الانبساط ، وإنفاقهم ثلثه الاستغفار بعد الشطح ، وحفظ الآداب في حال السكر والأخبار عن المقامات لأهل الإرادات ، وقسم منهم أهل حقائق التوحيد ، وإنفاقهم ثلثه الاستقامة في الامتحان بنعت إخلاص الإيمان ، وترك حظوظهم في مقام المحبة لوجدان جمال القدم ؛ لأن المحبة حظ العارف ، ورؤية القدم نصيب الحق جلّ وعزّ ، ورعاية الأسرار بترك رسوم المقامات ، وقسم منهم أهل الوله ، وإنفاقهم ثلثه الرمزة في العبرات والفوز في الأزليات ، وبذل المهجة للأبديات ، وقسم منهم أهل الاتحاد ، وإنفاقهم ثلثه قمع شهوات العشق عن مغارس أشجار التوحيد ، وسير السير في قدم القدم بنعت التجريد ، وطيران الروح في بقاء البقاء بأجنحة التفريد ، هذا وصف إنفاق رجال الصدق ، وهم بالتفاوت فيما نالوا من ثواب الإنفاق في هذه المقامات من جزيل الكرامات ،