الشهوات ، وأمّا برّ المطمئنين فهو حصول الكرامات من تقليب الأعيان ، وأنواع عجائب الآيات ، وأن يذوق العارف طعم حلاوة الذكر ، قال الله تعالى : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد : ٢٨].
وأمّا برّ المحسنين ؛ فهو مشاهدة الحق في لباس الملكوت ، هذا وصف بر أهل الأحوال ، وأمّا بر الذاكرين ؛ فهو رؤية المذكور في حقائق نفس الإيمان ، وأمّا بر المتفكرين ؛ فهو رؤية آثار تجلي الصفات في لباس الآيات ، وأمّا بر الحكماء ؛ فهو خصائص الخطاب بنعت الإلهام.
وأمّا بر أهل الحياء فهو رؤية مشاهدة العظمة والكبرياء ، وأمّا بر أهل التلوين فهو رؤية عين جميع الأفعال بنعت جمال الصفات ، وأمّا بر أهل التمكين فهو رؤية عين جميع الصفات بلا رسم الأفعال ، وأمّا بر أهل الحقيقة فهو رؤية عين القدم بنعت الفناء ومحق البشرية ومحو رسوم الخيال ، وأمّا بر أهل السر فهو رؤية كنز علم الأزلي بعين الروح في مدارج المعرفة ، وأمّا بر العارفين فهو تجلي صرف الوحدانية والسرمدية ، ورؤية قرب القرب وهذا صفة بر العارفين ، وأمّا بر أهل القبض فهو رؤية العزة ، وأمّا بر أهل البسط فهو رؤية جلال الصفات بنعت الحلاوة ببروز نور القربة ، وأمّا بر أهل السكر فهو ظهور الحق لهم في لباس حالاتهم بالبغتة.
وأمّا بر أهل الصحو فهو رؤية الحق بنعت الحسن والجمال ، وأمّا بر أهل الفناء فهو رؤية القيومية بنعت الفردانية ، وأمّا بر أهل البقاء فهو رؤية ديمومية الحق جل وعز ، وأمّا بر أهل الانبساط فهو رؤية بسط الحق لهم في وجدان مرادهم منه ، وأمّا بر أهل حقائق التوحيد فهو رؤية أنوار الذات والصفات ، وأمّا بر أهل الوله فهو رؤية انبساط الحق في أنفسهم لذلك هاموا ، وأمّا بر أهل الاتحاد فهو رؤية كسوة جمال القدم بوصف الصفات على أسرار أرواحهم وتسخير الكون لهم بالحكم لا بالتضرع والدعاء.
وهذا وصف بر أهل حقائق التوحيد ذكرت في هذا الفصل ما أتحف الحق إلى أوليائه من أنواع المقامات والكرامات بر أمنه لهم ، وجزاء عظيم الله أجرهم ، إذ كافأهم بمشاهدته وقربه وعطف عليهم بما هو أجدر منه من مننه القديمة وعنايته الأزلية.
وقال الأستاذ : منهم من ينفق على ملاحظة الجزاء والعوض ، ومنهم من ينفق على مراقبة دفع البلاء والمحن ومنهم من ينفق اكتفاء بعلمه.
قال قائلهم :
ويهتز للمعروف في طلب العلا |
|
ليذكر يوما عند سلمى شمائله |
وقيل : إذا كنت لا تصل إلى البر إلا بإنفاق محبوبك فمتى تصل إلى البار وكنت تؤثر