قال جعفر الصادق : المعروف موافقة الكتاب والسنة (١).
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥) وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٧) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠))
قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) أي : من كان ذلته عند كشوف أنوار الكبرياء والعظمة يصير عظيما في عيون الخلق ، منصورا بتأييد الأزلية على كل منكر ؛ لأن عليه كسوة جلال الله ، نفرق منه من تعزر بنفسه.
وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه موصوفا به لقوله عليهالسلام : «إن الشيطان يفر من ظل عمر» (٢).
وقال الشيخ أبو عبد الرحمن في قوله : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ) : لضعفكم ، وصحة توكلكم على ربكم ، وانقطاعكم عن حولكم وقوتكم ، وردكم الأمر بالكلية إليه.
قوله تعالى : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) أراد السيد عليهالسلام تقديس حضرة الجلال عن أنفاس المجرمين في قولهم بما لا يليق بجلال الله من الشرك والكفر ، لئلا يبقى في ساحة الكبرياء من في قلبه غير الله غيرة على جمال وجهه تعالى ، ومن سوغه حبه وشدة إرادته ، لم يطالع أمر القدم الذي جرى بالعناية في حق المستورين من بينهم بأستار عوارض الامتحان ، فغايته الحق أين أنت من مشاهدة سبق عنايتي لهم ، أنعم نظرك في ديوان الأزل ، وليس لك في هذه الغيرة من أمر القدم ومشيئة الأزل في وقتك حين احتجبت بغيرتك على أمرهم شيء ، وإن صرفت منك إلى رأيت أمر المشيئة ، وتستغني من الدعاء عليهم ، وتصديق ذلك قوله
__________________
(١) وشرط الآمر بالمعروف أن يكون متصفا بالمعروف ، وحقّ النّاهي عن المنكر أن يكون منصرفا عن المنكر. انظر : تفسير القشيري (١ / ٣٧٠).
(٢) ذكره حقي في تفسيره (٤ / ٤٤١).