وقوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : «بالرحمن» : سبقت رحمته غضبه ، و «بالرحيم» : حجب كرمه سخطه ، و (الرَّحْمنِ) : اسم القدم ، و «الرحيم» : اسم البقاء ، و (الرَّحْمنِ الرَّحْمنِ) : اسم الحقيقة ، و (الرَّحِيمِ) : اسم الصفة.
وقيل : (الرَّحْمنِ) بالإشراف على أسرار أوليائه ، والتجلّي لأرواح أنبيائه.
وقيل : (الرَّحْمنِ) : خاص الاسم خاص الفعل ، و (الرَّحِيمِ) : عام الاسم عام الفعل.
وقيل : (الرَّحْمنِ) بالنعمة ، و (الرَّحِيمِ) بالعصمة.
وقيل : (الرَّحْمنِ) بالتجلّي ، و (الرَّحِيمِ) بالتدلّي.
وقيل : (الرَّحْمنِ) بكشف الأنوار ، و (الرَّحِيمِ) بحفظ ودائع الأسرار.
وقيل : (الرَّحْمنِ) بذاته (١) ، و (الرَّحِيمِ) بنعوته وصفاته.
وقال سهل : بنسيم روح الله اخترع من ملكه ما شاء رحمة ؛ لأنه رحمن رحيم.
وقال الواسطي : الرحمانية تشوق الروح شوقا ، والإلهية تذوق الحق ذوقا.
وقال إبراهيم الخواص : من عرفه بأنه الرحمن الرحيم ، لزمه معرفته له بالرحمة ، الثقة به في حياته ومماته ، والعطف بالرحمة على الخلائق أجمع في الدنيا بالعوافي والأرزاق ، وفي الآخرة بالمغفرة والرحمة والغفران.
قال جعفر الصادق : (الرَّحْمنِ) : العاطف على خلقه لسابق المقدور عليهم المراقب لهم ، و (الرَّحِيمِ) : المتعطّف لهم في أمر المعاش والعوافي.
وقال الجنيد في قوله : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : الرحمة على وجهين : رحمة لطفه ، ورحمة عطفه ، فإشارة باسمه الرحمن إلى لطفه ، وإشارة باسمه الرحيم إلى عطفه.
وقال الأستاذ : (الرَّحْمنِ) : خاص الاسم ، عام المعنى ، و (الرَّحِيمِ) : عام الاسم ، خاص المعنى (٢).
__________________
(١) (الرَّحْمنِ) في الظاهر ، فيعمّ رحمته الكافر ، والأعضاء والآفاق ، فإن كل ذلك داخل تحت حيطة الاسم الظاهر.
(٢) (الرَّحِيمِ) في الباطن ، فيعمّ رحمته المؤمن والقوى والأنفس ، كما يعمّهم الرحمة الرحمانية ، فللكافر ظاهر دون باطن ؛ لأن لا آخرة له ، فإن العاقبة للمتقين ، وللمؤمن ظاهر وباطن جميعا فالظاهر مع الباطن أقوى من الظاهر بلا باطن ؛ لأن الظاهر بلا باطن محصور كالدنيا ؛ لانتهائها دون الظاهر مع الباطن ؛ كالآخرة لعدم نهايتها ، وإنما أدخلنا الآخرة في الباطن ؛ لأنها قلب الدنيا ؛ والقلب باطن بالنسبة إلى