فالرحمن : بما روّح ، و (الرَّحِيمِ) بما لوّح ، فالترويح للمباد ، والتلويح بالأنوار.
و (الرَّحْمنِ) بكشف تجلّيه ، و (الرَّحِيمِ) بلطف تولّيه.
و (الرَّحْمنِ) بما أولى من الإيمان ، و (الرَّحِيمِ) بما أسرى من العرفان.
و (الرَّحْمنِ) بما أعطى من العرفان ، و (الرَّحِيمِ) بما تولّى من الغفران.
و (الرَّحِيمِ) بما منّ به من الرضوان ، و (الرَّحْمنِ) بما يكرم به من الرضوان.
و (الرَّحِيمِ) بما يكرّم به من الرؤية والعيان ، فالرحمن بما يوفّق ، و (الرَّحِيمِ) بما يحقّق ، فالتوفيق للمعاملات ، والتحقيق للمواصلات ، فالمعاملات للقاصدين والمواصلات للواجدين.
و (الرَّحْمنِ) بما يصنع لهم ، والرحيم بما يدفع عنهم ، والصنع يجمع العناية ، والدّفع بحسن الرعاية ، إلى هاهنا كلام الأستاذ.
أمّا من اختراعي أن : اسم (الرَّحْمنِ) : محل طلوع أنوار العناية ، و (الرَّحِيمِ) : محل إشراق شمس الكفاية ، فبالعناية يهدى أهل العرفان إلى مشاهدة القدم ، وبالكفاية تحفظ حقائق إيمانهم أبدا لوجه بقاء الديموميّة ، فبالرحمن تأيّدهم ، وبالرحيم ترقيهم وتحفظهم ، فالأول : للعناية ، والآخر : للكفاية ، تغمّدهم بنور الأزلية بين الصفتين ؛ حتى يصيروا بالرحمن مشتاقين ، وبالرحيم والهين.
وقال حميد : هل يكون من الرحمن لأهل الإيمان ، إلا الأمن والأمان ، والروّية والعيان.
وقال سهل : (الرَّحْمنِ) : على عباده بالمغفرة والرضوان ، و (الرَّحِيمِ) : عليهم بالعوافي والأرزاق.
قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) : في اسم المالك رجاء المقبلين ، وتخويف المهلكين ، يجازي مقاساة ألم فراق العاشقين بمشاهدته ، ونفائس كرامته ، ويجازي عموم المحبّين بكشف جماله وجلاله ، ويجازي المعاملة الصادقين ، بإدخالهم في جنانه ، وإسكانهم في جواره.
وقال ابن عطاء : يجازى يوم الحساب كل صنف بمقصودهم وهمّتهم ، ويجازي العارفين
__________________
القلب ، فكما ينتهي حكم الدنيا ، ويظهر الآخرة على صورتها ؛ فيكون الدنيا باطنة ، والآخرة ظاهر ؛ فكذا يظهر القلب في الآخرة على صورة القالب ، فيكون القالب باطنا ، والقلب ظاهرا ، وبه يصحّ رؤية الله تعالى كما يصحّ ذلك في الدنيا بالبصيرة ، فانظر إلى هذا ، وكن على بصيرة من الأمر ، فإن الأمر ليس كما يزعمه المنكرون من المعتزلة وغيرهم ، والله رقيب شهيد.