وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) برهانه ظهوره في كل ذرة ، ولمعان سنا قدرته في جميع الفطرة ، وبرهانه طوف أسراره أسماع قلوب الخلائق يكون وجوده وأنباء عجائب صفاته والنور المبين خطابه الظاهر في الظاهر ونوره في الباطن.
قال ذو النون : استقرت منار الدجى ، وأقامت حجة الله على خلقه ، فأخذ بحظه ومضيع لنفسه.
وقيل في قوله : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) خطابا من القرآن فيه محل الشفاء لأسرار العارفين.
وقال الأستاذ : البرهان ما لاح في سرائرهم من شواهد الحق.
سورة المائدة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢))
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لله الأسماء الحسنى ، والنعوت الأعلى ، من جملتها المؤمن ، فألبس نور هذا الاسم خواصه ، وزيّن أسرارهم به ، فخاطبهم بخاصية اتصافهم باسمه وصفته ، وهم بنوره ، ويرونه ، فساروا بمراكب اسمه ونعته في ميادين الصفات حتى بلغوا أنوار الذات ، فشاهدوه بوصف اليقين والسكون ، أي : أيها الشاهدون مشاهدتي.
قال ابن عطاء : أي : أيها الذين أعطيتهم قلوبا لا تغفل عني ، ولا تحجب دوني طرفة عين.
وقال شيخنا وسيدنا أبو عبد الله محمد بن حنيف : الإيمان تصديق القلوب بما أعلمه الحق من الغيب.