قوله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) أي : إن يمسسك بضرّ الحجاب ، فلا كاشف لضرّه إلا ظهور مشاهدة جماله لك.
قال الجنيد : معبودك أول خاطر يخطر لك عند نزول خير ، أو ظهور بلاء ، إن رجعت فيه إلى الله فهو معبودك ، وهو الذي يكفيك ، فإن رجعت إلى غيره تركك وما رجعت إليه.
قال الأستاذ : إنّما ينجيك من البلاء من يلقيك في الفناء ؛ إذ المتفرد بالإبداع واحد ، فالأغيار كلهم أفعال ، والإيجاد لا يصلح من الأفعال.
قوله تعالى : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) أي : قدمه جار في غير قهره ولطفه ، بلطف مشاهدة جماله ، وكشف جلاله للمحبين حتى ذابوا في حلاوة شهود مشاهدته ، وقهر بسلطان كبريائه أهل التوحيد والمعرفة حتى فنوا في سبحات عظمته وعزّة أزليته.
وأيضا : أي كان قاهرا في الأزل قدمه ، علا عن العدم حين تجلّى قدمه للعدم ، وأجار به العباد عن العدم ، وكان المقدور في العدم تحت القدم ، وبقي القدم بوصفه إلى الأبد ، وبقي المقدور بوصفه كما خرج من العدم إلى الأبد.
وقال الحسين رضي الله عنه : القاهرية تمحو كل موجود.
وقال بعضهم : قهرهم على الإيجاد والإظهار ، كما قهرهم على الموت والفناء.
قال ابن طاهر : القاهر الذي إذا شهد سوى العبد أفناه عما سواه.
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩))
قوله تعالى : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) أي : أي شيء أعظم من شهود الله بوصف ظهور تجلّي جلاله وجماله من كل ذرة على كل شيء من العرش إلى الثرى ، وذلك شهادته الأزلية التي سبقت منه على وحدانيته ، حيث لم يكن وجود الحدث في القدم.
وتصديق ذلك جواب الأمر بالأمر بقوله تعالى : (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ، لمّا عمي القوم عن رؤية شهود الله ، وصموا عن شهادة على نفسه ، أنكروا على أشرف موقع شهادة ، وهو النبي صلىاللهعليهوسلم لغباوتهم وجهلهم بما ظهر من وجهه من أنوار جلال الله ، أمر الله نبيه عليهالسلام أن يقول لهم بعد قوله : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) بقوله : (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) بأن يظهر أنوار صفاته متى شاء للعالمين.
وتصديق ذلك سهولة المعجزات ، أي : من لم ير الشهادة العظمى في وجهي ؛ فإنه يحتاج