إلى رؤية الشهادة الصغرى وتلك معجزتي ، ومن يكون أعمى عن رؤية الشهادة الكبرى ، فأيضا يكون أعمى عن رؤية الشهادة الصغرى.
قال الحسين عليهالسلام : لا شهادة أصدق من شهادة الحق لنفسه بما شهد به في الأزل بقوله : (أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ).
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢١) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٢٦) وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٢٨) وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩))
قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) بيّن الله سبحانه أن اليهود كانوا يعرفون النبي صلىاللهعليهوسلم بالعلامات الصحيحة ، التي وجدوها في التوراة ، من نعته وصفته ، وصدق معجزته ، لكن لم يعرفوه بنور معرفة الله ، ورؤية مشاهدة الله في وجهه ، كانوا مقلدين في معرفته ؛ لذلك خالفوه ، ولو عرفوه بمعرفة الله لكانوا كالصحابة المباركة ، حيث كانوا تراب قدمه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المتحابين.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) كانت قلوبهم محجوبة بعوارض البشرية ، وظلمات النفس الأمّارة عن رؤية أنوار الغيب ، وفهم خطاب الحق ، كانت قلوبهم في أغطية الغيرة ؛ لأنهم ليسوا مطبوعين باستعداد قبول خطاب الله ، ورؤية عرائس الملكوت ، وفي آذان أسرارهم وقر الضلالة ، ولم يسمعوا بها ما لم يسمع بسمع الخاص ، وعلى عيون ظاهرهم