الظَّالِمِينَ (١٤٤) قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ (١٤٦))
قوله تعالى : (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً) أي : من قوى الإنسانية ما لا يحمل أثقال المجاهدات ، ومنها ما يحمل أثقال وقار الامتحانات ، فما يحمل الإنسانية يضعف تحت امتحان الله ، وما يحمل بقوى الربانية يكون مطية حمل أمانة المعرفة ، قال تعالى : (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) [الأحزاب : ٧٢] ، ألا ترى قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه ـ : «والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية ، وإنما قلعتها بقوة ربانية».
وقوله تعالى : (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) للأشباح رزق ، وللأرواح رزق ، وللقلوب رزق ، وللعقول رزق ، وللأسرار رزق ، وأما رزق الأشباح فما استطابته من عالم الفعل بما وافقه العلم ، وأما رزق الأرواح فمشاهدة تجلي الصفات ، وأما رزق القلوب فما ينكشف لها من أنوار الغيوب ، وأما رزق العقول فما يلوح لها من سنا الآيات ، وأما رزق الأسرار فما تجلّى فيها من مكنون علوم الخاص في رؤية الذات.
قال الأستاذ : الرزق ما يحصل به الانتفاع ، وينقسم إلى رزق الظواهر والسرائر ، فهذا وجود النعم ، وذاك شهود الكرم ، بل الجمود في وجود العدم ، وللقلب رزق ، وهو التحقيق من حيث العرفان ، وللروح رزق ، وهو المحبة بصدق التجرد عن الأكوان ، وللسر رزق ، وهو الشهود ، والذي قرينه العيان.
(فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١٤٧) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩) قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠))