وعليه يكون خمس الغنيمة مقسما على خمسة أقسام : للرسول ، ولذي القربى ، واليتامى ، والمساكين ، وابن السبيل.
ويرى أبو العالية والربيع والقاسم أن هذا الخمس يقسم إلى ستة أقسام ، عملا بظاهر الآية ، وأن سهم الله ـ تعالى ـ يصرف في وجوه الخير ، أو يؤخذ للكعبة.
وقد رجح ابن جرير رأى الجمهور فقال : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب من قال : قوله (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ) افتتاح كلام ، وذلك لاجتماع الحجة على أن الخمس غير جائز قسمه على ستة أسهم. ولو كان لله فيه سهم ـ كما قال أبو العالية ـ لوجب أن يكون خمس الغنيمة مقسوما على ستة أسهم. وإنما اختلف أهل العلم في قسمه على خمسة فما دونها.
فأما على أكثر من ذلك فلا نعلم قائلا قاله غير الذي ذكرنا من الخبر عن أبى العالية. وفي إجماع من ذكرت ـ الدلالة الواضحة على ما اخترناه (١).
وسهم النبي صلىاللهعليهوسلم الذي جعله الله ـ تعالى ـ له في قوله (وَلِلرَّسُولِ) كان مفوضا إليه في حياته ، يتصرف فيه كما شاء ، ويضعه حيث يشاء.
روى الإمام أحمد أن أبا الدرداء قال لعبادة بن الصامت : يا عبادة ، ما كلمات رسول صلىاللهعليهوسلم في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس؟ فقال عبادة : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم. فلما سلم قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتناول وبرة فقال : إن هذه من غنائمكم ، وأنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخيط والمخيط وأكبر من ذلك وأصغر ، ولا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة ، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والبعيد ، ولا تبالوا في الله لومة لائم ، وأقيموا الحدود في الحضر والسفر ، وجاهدوا في سبيل الله ، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة. ينجى الله به من الغم والهم ، قال ابن كثير : هذا حديث حسن عظيم.
وروى أبو داود والنسائي عن عمرو بن عبسة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلى بهم إلى بعير من المغنم ، فلما سلم أخذ وبرة من جنب البعير ثم قال : ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم (٢).
هذا بالنسبة لسهمه صلىاللهعليهوسلم في حياته ، أما بعد وفاته ، فمنهم من يرى : أن سهمه صلىاللهعليهوسلم يكون لمن يلي الأمر من بعده. روى هذا عن أبى بكر وعلى وقتادة وجماعة .. ومنهم من يرى أن سهمه صلىاللهعليهوسلم يصرف في مصالح المسلمين. روى ابن جرير عن
__________________
(١) تفسير ابن جرير ج ١١ ص ٤.
(٢) تفسير ابن جرير ج ١١ ص ٨.