ثم قال : ومذهب المالكية أن الخمس لا يلزم تخميسه ، وأنه مفوض إلى رأى الإمام.
ـ أى انهم يرون أن خمس الغنيمة يجعل في بيت المال فينفق منه على من ذكر وعلى غيرهم بحسب ما يراه الإمام من مصلحة المسلمين ، وكأنهم يرون أن هذه الأصناف إنما ذكرت على سبيل المثال ، وأنها من باب الخاص الذي قصد به العام ، بينما يرى غيرهم أن هذه الأصناف من باب الخاص الذي قصد به الخاص.
ثم قال : ومذهب الإمامية أنه ينقسم إلى ستة أسهم كما ذهب أبو بالعالية ، إلا أنهم قالوا : إن سهم الله ـ تعالى ـ ، وسهم رسوله صلىاللهعليهوسلم وسهم ذوى القربى الكل للإمام القائم مقام الرسول صلىاللهعليهوسلم أما الأسهم الثلاثة الباقية فهم لليتامى من آل محمد صلىاللهعليهوسلم ، وسهم لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم ، لا يشركهم في ذلك غيرهم. رووا ذلك عن زين العابدين ، ومحمد بن على الباقر ..
ثم قال : والظاهر أن الأسهم الثلاثة الأولى التي ذكروها اليوم تخبأ في السرداب ، إذ القائم مقام الرسول صلىاللهعليهوسلم قد غاب عندهم فتخبأ له حتى يرجع من غيبته ..» (١).
هذا ، ومن كل ما سبق نرى أن أكثر العلماء يرون أن خمس الغنيمة يقسم إلى خمسة أقسام ، ومنهم من يرى أنه يقسم الى ستة أقسام ، ومنهم من يرى أنه لا يلزم تقسيمه إلى خمسة أقسام أو إلى ستة ، وإنما هو موكول إلى نظر الإمام واجتهاده .. ومنهم من يرى غير ذلك ، ولكل فريق أدلته المبسوطة في كتب الفروع.
٥ ـ ذكرنا عند تفسيرنا لقوله ـ تعالى ـ في مطلع السورة (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ...) أن المراد بالأنفال : الغنائم وعليه تكون الآية التي معنا وهي قوله (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ..) مفصلة لما أجملته الآية التي في مطلع السورة.
أى أن الآية التي في مطلع السورة بينت أن الأمر في قسمة الأنفال مفوض إلى الله ورسوله ، ثم جاءت الآية التي معنا ففصلت كيفية قسمة الغنائم حتى لا يتطلع أحد إلى ما ليس من حقه.
وهذا أولى من قول بعضهم : إن الآية التي معنا نسخت الآية التي في مطلع السورة : لأن النسخ لا يصار إليه إلا عند التعارض وهنا لا تعارض بين الآيتين.
٦ ـ الآية الكريمة أرشدت المؤمنين إلى أن من الواجب عليهم أن يخلصوا في طاعتهم لله ـ تعالى ـ ولرسوله صلىاللهعليهوسلم وأن يجعلوا غايتهم من جهادهم إعلاء كلمة الله ، لكي يكونوا مؤمنين حقا.
__________________
(١) تفسير الآلوسى ـ بتصرف وتلخيص ج ١٩ ص ٣.