قال ـ تعالى ـ : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ..) (١).
فالمراد بالطريق القصد : الطريق الموصل إلى الإسلام ، والمراد بالطريق الجائر : الطريق الموصل إلى غيره من ملل الكفر والضلال.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة ، ببيان أن الهداية والإضلال بقدرته ومشيئته ، فقال ـ تعالى ـ : (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ).
أى : ولو شاء ـ سبحانه ـ هدايتكم ـ أيها الناس ـ إلى الطريق المستقيم ، لهداكم جميعا ، ولكنه ـ عزوجل ـ لم يشأ ذلك ، بل اقتضت حكمته أن يخلق الناس ، مستعدين للهدى والضلال ، وأن يترك لهم اختيار أحد الطريقين فكان منهم من استحب العمى على الهدى ، وكان منهم من سلك الطريق المستقيم. وسيجازى ـ سبحانه ـ الذين أساءوا بما عملوا ، وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.
قال تعالى ـ : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً. إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (٢).
وقال ـ سبحانه ـ : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ..) (٣).
وبعد أن بين ـ سبحانه ـ جانبا من مظاهر فضله على عباده عن طريق خلق الأنعام وغيرها من البهائم ، التي لهم فيها منافع ، أتبع ذلك ببيان نعمه عليهم في إنزال المطر ، فقال ـ تعالى ـ :
(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١١)
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ١٥٣.
(٢) سورة الإنسان الآيتان ٢ ، ٣.
(٣) سورة يونس الآية ٩٩.