ورزقه ، عن طريق التجارات والأسفار على ظهر البحر من مكان إلى آخر. سعيا وراء الربح.
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بحض الناس على شكره على نعمه فقال (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
أى : ولعلكم تشكرون الله ـ تعالى ـ على آلائه ، حيث سخر لكم البحر ، وجعله وسيلة من وسائل منفعتكم ومعاشكم.
ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن فوائد الجبال والأنهار والسبل والنجوم ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١٦)
ولفظ : «رواسى» جمع راس من الرسو ـ بفتح الراء وسكون السين ـ بمعنى الثبات والتمكن في المكان ، يقال رسا الشيء يرسو إذا ثبت. وهو صفة لموصوف محذوف. أى : جبالا رواسى.
و «تميد» أى تضطرب وتميل. يقال : ماد الشيء يميد ميدا ، إذا تحرك ، ومادت الأغصان إذا تمايلت أى : وألقى ـ سبحانه ـ في الأرض جبالا ثوابت لكي تقر وتثبت ولا تضطرب.
فقوله «أن تميد بكم» تعليل لإلقاء الجبال في الأرض.
قال القرطبي : وروى الترمذي بسنده عن أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لما خلق الله الأرض جعلت تميد وتضطرب ، فخلق الجبال عليها فاستقرت ، فعجبت الملائكة من شدة الجبال. قالوا يا رب هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال نعم ، الحديد. قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال نعم النار. قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال نعم الماء ، قالوا يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء؟ قال نعم الريح. قالوا يا رب : فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال نعم ، ابن آدم إذا تصدق بصدقة بيمينه يخفيها عن شماله» (١).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٠ ص ٩٠.