وقدم ـ سبحانه ـ المتعلق وهو «وبالنجم» للاهتمام به ، إذ أن الاهتداء بالنجوم ، أمر هام في حياة المسافرين ولا سيما الذين يسافرون في البحر.
وعدل ـ سبحانه ـ عن الخطاب إلى الغيبة في قوله «هم يهتدون» على سبيل الالتفات ، ليزداد الكلام طلاوة وانتباها إلى ما اشتمل عليه.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (١).
وإلى هنا نرى السورة الكريمة ، التي هي سورة النعم ، قد حدثتنا في بضع عشرة آية. عن ألوان متنوعة من نعم الله ـ تعالى ـ على عباده.
حدثتنا عن نعمة الروح الذي يحيى القلوب الميتة وينقذها من الكفر والضلال.
وحدثتنا عن نعمة خلق الإنسان ، وخلق السموات والأرض.
وحدثتنا عن نعمة خلق الأنعام ، والخيل والبغال والحمير.
وحدثتنا عن نعمة إنزال الماء من السماء ، وما يترتب على هذه النعمة من فوائد ومنافع.
وحدثتنا عن نعمة تسخير الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم لمصلحة الإنسان.
وحدثتنا عن نعمة تسخير البحر وتذليله للانتفاع بخيراته.
وحدثتنا عن كل ذلك وغيره. لكي يخلص الإنسان عبادته لخالقه ، ولكي يطيعه حق الطاعة ، ويشكره عليها ، ويستعملها فيما خلقت له.
وبعد أن حدثتنا السورة عن كل ذلك ، ساقت لنا جملة من صفات الله ـ تعالى ـ ووبخت المشركين على شركهم ، وأبطلته بأبلغ أسلوب ، ودعتهم إلى الدخول في الدين الحق ، فقال ـ تعالى ـ :
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ
__________________
(١) سورة الأنعام الآية ٩٧.