الْمَلائِكَةُ ، أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (١).
هذا ، ولا تعارض بين قوله تعالى ـ (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) وبين قوله في آية أخرى (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) وبين قوله في آية ثالثة (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها).
لأن إسناد التوفي إلى ذاته ـ تعالى ـ ، باعتبار أن أحدا لا يموت إلا بمشيئته ـ تعالى ـ ، وإسناده إلى ملك الموت باعتباره هو المأمور بقبض الأرواح ، وإسناده إلى الملائكة باعتبارهم أعوانا له ، ولا تعارض ـ أيضا ـ بين قوله ـ تعالى ـ (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وبين ما جاء في الحديث الصحيح : «لن يدخل أحدا عمله الجنة ..».
لأن الأعمال الصالحة إنما هي أسباب عادية لدخول الجنة ، أما السبب الحقيقي فهو فضل الله ـ تعالى ـ ورحمته ، حيث قبل هذه الأعمال ، وكافأ أصحابها عليها.
وبعد أن بينت السورة الكريمة جانبا من أقوال المتقين ، وبشرتهم بما يسرهم ويشرح صدورهم ، عادت مرة أخرى لتهديد الكافرين ، لعلهم يزدجرون أو يتذكرون ، فقال ـ تعالى ـ :
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٣٣) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٣٤)
والاستفهام في قوله ـ سبحانه ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ ..) إنكارى في معنى النفي.
«ينظرون» هنا بمعنى ينتظرون ، من الإنظار بمعنى الإمهال ، والضمير المرفوع يعود إلى أولئك المتكبرين الذين وصفوا القرآن بأنه أساطير الأولين ، والذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، كما جاء في الآيات السابقة.
أى : ما ينتظر أولئك المتكبرون الذين لا يؤمنون بالآخرة ، إلا أن تأتيهم الملائكة لنزع
__________________
(١) سورة فصلت الآية ٣٠.