أتباعه ، بأن يوضح لهم صلىاللهعليهوسلم ما أجمله القرآن الكريم من أحكام أو يؤكد لهم صلىاللهعليهوسلم هذه الأحكام.
ففي الحديث الشريف عن المقدام بن معد يكرب ، عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «ألا وإنى أوتيت الكتاب ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن ، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ...».
وأما الحكمة الثانية : فهي التفكر في آيات هذا القرآن ، والاتعاظ بها ، والعمل بمقتضاها ، قال ـ تعالى ـ : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ. وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ).
والمراد بالناس في قوله ـ تعالى ـ (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ) العموم ، ويدخل فيهم المعاصرون لنزول القرآن الكريم دخولا أوليا.
وأسند ـ سبحانه ـ التبيين إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لأنه هو المبلغ عن الله ـ تعالى ـ ما أمره بتبليغه.
قال الجمل : قوله ـ تعالى ـ (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ..).
يعنى : أنزلنا إليك ـ يا محمد ـ الذكر الذي هو القرآن ، وإنما سماه ذكرا ، لأن فيه مواعظ وتنبيها للغافلين ، «لتبين للناس ما نزل إليهم» يعنى ما أجمل إليك من أحكام القرآن ، وبيان الكتاب يطلب من السنة ، والمبين لذلك المجمل هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولهذا قال بعضهم : متى وقع تعارض بين القرآن والحديث ، وجب تقديم الحديث ، لأن القرآن مجمل والحديث مبين ، بدلالة هذه الآية ، والمبين مقدم على المجمل» (١).
وبعد أن ردت السورة الكريمة على ما أثاره المشركون من شبهات حول الدعوة الإسلامية ، أتبعت ذلك بتهديدهم من سوء عاقبة ما هم فيه من كفر وعصيان وعناد ، فقال ـ تعالى ـ :
(أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (٤٥) أَوْ يَأْخُذَهُمْ
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٢ ص ٥٧٢.