والمراد بمثل السوء : أفعال المشركين القبيحة التي سبق الحديث عنها.
والمعنى للذين لا يؤمنون بالآخرة وما فيها من حساب وثواب وعقاب .. صفة السوء ، التي هي كالمثل في القبح ، وهي وأدهم البنات ، وجعلهم لآلهتهم. نصيبا مما رزقناهم ، وقولهم : الملائكة بنات الله ، وفرحهم بولادة الذكور للاستظهار بهم.
فهذه الصفات تدل على غبائهم وجهلهم وقبح تفكيرهم.
أما الله ـ عزوجل ـ فله المثل الأعلى ؛ أى الصفة العليا ، وهي أنها الواحد الأحد ، المنزه عن الوالد والولد : والمبرأ من مشابهة الحوادث ، والمستحق لكل صفات الكمال والجلال في الوحدانية ، والقدرة والعلم .. وغير ذلك مما يليق به ـ سبحانه ـ.
وهو ـ عزوجل ـ «العزيز» في ملكه بحيث لا يغلبه غالب «الحكيم» في كل أفعاله وأقواله.
وبعد أن ساق ـ سبحانه ـ ما يدل على جهالات المشركين ، وانطماس بصائرهم ، وسوء تفكيرهم ، أتبع ذلك بالحديث عن مظاهر رحمته بخلقه وعن جانب من جرائم المشركين ، وعن وظيفة القرآن الكريم ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٦١) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢) تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٦٤)
و «لو» في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ..) حرف امتناع