والمراد بنعمة الله عموم النعم التي أنعم الله بها عليهم ، والتي لا تعد ولا تحصى.
وفي تقديم النعمة وتوسيط ضمير الفصل ، إشعار بأن كفرهم بالنعم مستمر وإنكارهم لها لا ينقطع ، لأنهم «استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله».
وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد ذكرت الناس بعجائب خلقهم وبأطوار حياتهم ، ويتفاوت أرزاقهم ، وببعض نعم الله ـ تعالى ـ عليهم لعلهم عن طريق هذا التذكير يفيئون إلى رشدهم ، ويخلصون العبادة لخالقهم ـ سبحانه ـ ، ويستعملون نعمه فيما خلقت له.
ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك لونا من ألوان العقول المنحرفة عن الطريق الحق ، كما ساقت مثلين للرب الخالق العظيم ، وللمملوك العاجز الضعيف ، لعل في ذلك عبرة لمن يعتبر ، وهداية لمن يريد الصراط المستقيم ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣) فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧٤) ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٧٦)
والمراد بقوله سبحانه : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ .....) كل معبود سوى الله ـ تعالى ـ من صنم أو وثن أو غير ذلك من المعبودات الباطلة.
والجملة الكريمة داخلة تحت مضمون الاستفهام الإنكاري ، ومعطوفة عليه : وهو قوله