بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال : لا. فقال هرقل : ما كان ليدع الكذب على الناس ، ويكذب على الله ـ تعالى ـ.
وفي هذه الآية دلالة على أن الكذب من أكبر الكبائر ، وأفحش الفواحش. والدليل عليه أن كلمة «إنما» للحصر.
وروى أن النبي صلىاللهعليهوسلم قيل له : هل يكذب المؤمن؟ قال : «لا ، ثم قرأ هذه الآية (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ بعد ذلك حكم من أكره على النطق بكلمة الكفر ، وحكم من استحب الكفر على الإيمان فقال ـ تعالى ـ :
(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٦) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٠٩)
ذكر المفسرون في سبب نزول قوله ـ تعالى ـ : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ ...) روايات منها قول الآلوسى : روى أن قريشا أكرهوا عمارا وأبويه : ياسرا ، وسمية ، على الارتداد فأبوا ، فربطوا سمية بين بعيرين ... ثم قتلوها وقتلوا ياسرا ، وهما أول شهيدين في الإسلام. وأما عمار فأعطاهم بلسانه ما أكرهوه عليه ، فقيل يا رسول الله : إن عمارا قد كفر.
__________________
(١) تفسير القاسمى ج ١٠ ص ٣٨٦١.