السماء فيرى شبه الدخان من الجوع ، وقد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت من سرايا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حيث كانوا يغيرون عليهم .. (١).
ثم أمرهم ـ سبحانه ـ بأن يأكلوا مما أحله لهم ، وأن يشكروه على نعمه ، وأن يجتنبوا ما حرمه عليهم ، فقال ـ تعالى ـ :
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١١٥)
والفاء في قوله : (فَكُلُوا ...) للتفريع على ما تقدم من التمثيل بالقرية التي كفرت بأنعم الله ، والتي أصابها ما أصابها بسبب ذلك.
أى : لقد ظهر لكم حال الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، ورأيتم كيف أذاقهم الله لباس الجوع والخوف ، فاحذروا أن تسيروا على شاكلتهم ، وكلوا من الحلال الطيب الذي رزقكم الله ـ تعالى ـ إياه.
واشكروا نعمة الله التي أنعم بها عليكم ، بأن تستعملوها فيما خلقت له ، وبأن تقابلوها بأسمى ألوان الطاعة لمسديها ـ عزوجل ـ.
(إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ) سبحانه ـ تعبدونه حق العبادة ، وتطيعونه حق الطاعة.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما حرمه على عباده رعاية لمصالحهم فقال : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ..).
والميتة في عرف الشرع : ما مات ح؟ ف أنفه ، أو قتل على هيئة غير مشروعة ، فيدخل
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٤ ص ٢٤٤.