يعملون الأعمال الصالحات بأن لهم أجرا كبيرا من خالقهم ـ عزوجل ـ : أجرا كبيرا لا يعلم مقداره إلا مسديه ومانحه ، وهو الله رب العالمين.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) بيان لسوء عاقبة الذين لا يستجيبون لهداية القرآن الكريم ، وهو معطوف على قوله ـ تعالى ـ : (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً).
أى : أن هذا القرآن يبشر المؤمنين بالأجر الكبير ، ويبشر ـ على سبيل التهكم ـ الذين لا يؤمنون بالآخرة وما فيها من حساب وثواب وعقاب بالعذاب الأليم.
قال الآلوسى ما ملخصه : وتخصيص الآخرة بالذكر من بين سائر ما لم يؤمن به الكفرة ، لكونها أعظم ما أمروا بالإيمان به ، ولمراعاة التناسب بين أعمالهم وجزائها ، الذي أنبأ عنه قوله ـ تعالى ـ : (أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) وهو عذاب جهنم. أى : أعددنا وهيأنا لهم ، فيما كفروا به وأنكروا وجوده من الآخرة عذابا أليما.
والآية معطوفة على قوله (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) فيكون إعداد العذاب الأليم للذين لا يؤمنون بالآخرة مبشرا به كثبوت الأجر الكبير للمؤمنين ، ومصيبة العدو سرور يبشر به ، فكأنه قيل : يبشر المؤمنين بثوابهم وعقاب أعدائهم .. (١).
ثم بين ـ سبحانه ـ بعض الأحوال التي قد يقدم الإنسان فيها على طلب ما يضره بسبب عجلته واندفاعه فقال ـ تعالى ـ :.
(وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (١١)
والمراد بالإنسان هنا : الجنس وليس واحدا معينا.
قال الآلوسى : وقوله : (دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) أى : دعاء كدعائه بالخير ، فحذف الموصوف وحرف التشبيه وانتصب المجرور على المصدرية (٢).
والمعنى : ويدعو الإنسان حال غضبه وضجره ، على نفسه ، أو على غيره ، (بِالشَّرِّ) كأن يقول : «اللهم أهلكنى ، أو أهلك فلانا ..».
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ٢٢.
(٢) الآلوسي ج ١٥ ص ٢٣.