مصيبة الذم من الله ـ تعالى ـ ومن أوليائه ، لأنك تركت عبادة من له الخلق والأمر ، وعبدت ما لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
ومصيبة الخذلان ، بحيث لا تجد من يعينك أو ينصرك ، في ساعة أنت أحوج ما تكون فيها إلى العون والنصر.
وجاء الخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (لا تَجْعَلْ) عاما ، لكي يشعر كل فرد يصلح للخطاب أن هذا النهى موجه إليه ، وصادر إلى شخصه. لأن سلامة الاعتقاد مسألة شخصية ، مسئول عنها كل فرد بذاته وسيحمل وحده تبعة انحرافه عن طريق الحق (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
وقوله (فَتَقْعُدَ) منصوب لأنه وقع بعد الفاء جوابا للنهى. وقوله (مَذْمُوماً مَخْذُولاً) حالان من الفاعل.
وفي هذه الجملة الكريمة تصوير بديع لحال الإنسان المشرك ، وقد حط به الذم والخذلان ، فقعد مهموما مستكينا عاجزا عن تحصيل الخيرات ، ومن السعى في تحصيلها.
قال الآلوسى : وفي الآية الكريمة إشعار بأن الموحد جامع بين المدح والنصرة (١).
ثم ساق ـ سبحانه ـ بضع عشرة آية ، تناولت مجموعة من التكاليف تزيد على عشرين أمرا ونهيا.
وهذه التكاليف قد افتتحت بالنهى عن الإشراك بالله ـ تعالى ـ وبالأمر بالإحسان إلى الوالدين قال ـ تعالى ـ :
(وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً (٢٣) وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ١٥ ص ٥٣.