أى : فسيحركون إليك رءوسهم عند ما يسمعون ردك عليهم ، ويقولون على سبيل الاستهزاء والسخرية والتكذيب : متى هو؟ أى ما ذكرته من الإعادة بعد الموت ، أو متى هو ذلك اليوم الذي سنعود فيه إلى الحياة بعد أن نصير عظاما ورفاتا.
فالجملة الكريمة تصور تصويرا بليغا ما جبلوا عليه من تكذيب بيوم القيامة ومن استهزاء بمن يذكرهم بأحوال ذلك اليوم العصيب. ومن استبعاد لحصوله كما قال ـ تعالى ـ : حكاية عنهم في آية أخرى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
وقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) تذييل قصد به التهديد والوعيد لهم.
أى : قل لهم ـ أيها الرسول الكريم ـ على سبيل التأنيب والوعيد : عسى هذا اليوم الذي تستبعدون حصوله ، يكون قريبا جدا وقوعه.
ولا شك في أنه قريب ، لأن عسى في كلام الله ـ تعالى ـ لما هو محقق الوقوع ، وكل ما هو محقق الوقوع فهو قريب ، ولأن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال : «بعثت أنا والساعة كهاتين» ـ وأشار بالسبابة والوسطى.
ثم بين ـ سبحانه ـ أحوالهم عند ما يدعون في هذا اليوم الهائل الشديد فقال : (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ...).
والظرف (يَوْمَ) منصوب بفعل مضمر أى : اذكروا يوم يدعوكم .. ويجوز أن يكون منصوبا على البدلية من (قَرِيباً).
والداعي لهم هو «إسرافيل» ـ عليهالسلام ـ عند ما يأذن الله ـ تعالى ـ له بالنفخ في الصور ، كما قال ـ تعالى ـ : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (١).
وكما قال ـ سبحانه ـ : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ. خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ. مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) (٢).
وقوله (بِحَمْدِهِ) حال من ضمير المخاطبين وهم الكفار ، والباء للملابسة.
أى : اذكروا ـ أيها المكذبون ـ يوم يدعوكم الداعي إلى البعث والنشور فتلبون نداءه
__________________
(١) سورة الزمر الآية ٦٨.
(٢) سورة القمر. الآيات ٦ ، ٧ ، ٨.