الذي خلقكم وتعهدكم بالرعاية ، أعلم بمن هو أهدى سبيلا ، وأقوم طريقا ، وسيجازى ـ سبحانه ـ الذين أساءوا بما عملوا ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.
فالآية الكريمة تبشر أصحاب النفوس الطاهرة والأعمال الصالحة ، بالعاقبة الحميدة ، وتهدد المنحرفين عن طريق الحق ، المتبعين لخطوات الشيطان ، بسوء المصير ، لأن الله ـ تعالى ـ لا تخفى عليه خافية ، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
ثم ذكر ـ سبحانه ـ بعد ذلك جانبا من الأسئلة التي كانت توجه إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم ، كما ذكر الإجابة عليها لكي يجابه النبي صلىاللهعليهوسلم بها السائلين ، فقال ـ تعالى ـ :
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥) وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨) وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً) (٨٩)
ذكر المفسرون في سبب نزول قوله ـ تعالى ـ : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) روايات منها : ما أخرجه الشيخان عن عبد الله بن مسعود قال : بينما أنا أمشى مع النبي صلىاللهعليهوسلم في حرث وهو متوكئ على عسيب ـ أى على عصا ـ إذ مر اليهود ، فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح ، فقالوا : يا محمد ما لروح؟ فأمسك النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يرد عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه ، فقمت مقامي ، فلما نزل الوحى قال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ