(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) (٤٨)
وقوله ـ سبحانه ـ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ ...) كلام مستأنف لإظهار حسن عاقبة المتقين ، بعد بيان سوء عاقبة الغاوين.
والمتقون : جمع متق اسم فاعل من اتقى. وأصله اوتقى ـ بزنة افتعل ـ من وقى الشيء وقاية ، أى : صانه وحفظه مما يضره ويؤذيه.
والجنات : جمع جنة ، وهي كل بستان ذي شجر متكاثف ، ملتف الأغصان ، يظلل ما تحته ويستره. من الجن وهو ستر الشيء عن الحاسة ..
والمراد بها هنا الدار التي أعدها الله ـ تعالى ـ لتكريم عباده المؤمنين في الآخرة.
والعيون جمع عين. والمقصود بها هنا المياه المنتشرة في الجنات.
والمعنى : «إن المتقين» الذين صانوا أنفسهم عن الشرك. وقالوا ربنا الله ثم استقاموا «في جنات» عالية ، فيها ما تشتهيه الأنفس ، وفيها منابع للماء تلذ لها الأعين.
وجملة «ادخلوها بسلام آمنين» معمولة لقول محذوف. والباء في قوله «بسلام» للمصاحبة.
أى : وتقول لهم الملائكة ـ على سبيل التكريم ـ والتحية ـ لهؤلاء المتقين عند دخولهم الجنات واستقرارهم فيها : ادخلوها ـ أيها المتقون ـ تصاحبكم السلامة من الآفات ، والنجاة من المخافات.
ثم بين ـ سبحانه ـ ما هم عليه في الجنة من صفاء نفسي ، ونقاء قلبي فقال : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ).
والنزع : القلع يقال : نزع فلان هذا الشيء من مكانه إذا قلعه منه ، وفعله من باب ضرب والغل : الحقد والضغينة ، وأصله من الغلالة ، وهي ما يلبس بين الثوبين : الشعار والدثار.