ثم حكت السورة بعد ذلك ما أثير من جدل حول عدد أصحاب الكهف وأمرت النبي صلىاللهعليهوسلم أن يكل ذلك إلى الله ـ تعالى ـ وحده ، فقال ـ سبحانه ـ :
(سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) (٢٢)
أى : سيختلف ـ الناس في عدة أصحاب الكهف ـ أيها الرسول الكريم ـ فمن الناس من سيقول إن عدتهم ثلاثة رابعهم كليهم ، ومنهم من يقول : إنهم خمسة سادسهم كلبهم.
فالضمير في قوله (سَيَقُولُونَ) وفي الفعلين بعده. يعود لأولئك الخائضين في قصة أصحاب الكهف وفي عددهم ، على عهد النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال الجمل : قيل إنما أتى بالسين في هذا لأن في الكلام طيا وإدماجا تقديره : فإذا أجبتهم عن سؤالهم عن قصة أهل الكهف ، فسلهم عن عددهم فإنهم سيقولون ثلاثة.
ولم يأت بها في بقية الأفعال ، لأنها معطوفة على ما فيه السين فأعطيت حكمه من الاستقبال (١).
وقال صاحب الكشاف ، فإن قلت : لما ذا جاء بسين الاستقبال في الأول دون الآخرين؟.
قلت : فيه وجهان : أن تدخل الآخرين في حكم السين ، كما تقول : قد أكرم وأنعم.
تريد معنى التوقع في الفعلين جميعا ، وأن تريد بيفعل معنى الاستقبال الذي هو صالح له (٢).
وقوله ، ثلاثة. خبر لمبتدأ محذوف ، أى : هم ثلاثة.
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ١٦.
(٢) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٤٧٨.