الدنيا ، ويراه ـ ثالثا ـ قد أنكر البعث والحساب ، والثواب والعقاب.
ويراه ـ رابعا ـ قد توهم أن غناه في الدنيا سيكون معه مثله في الآخرة :
قال صاحب الكشاف : وأخبر عن نفسه بالشك في بيدودة جنته ، لطول أمله ، واستيلاء الحرص عليه ، وتمادى غفلته ، واغتراره بالمهلة ، واطراحه النظر في عواقب أمثاله ، وترى أكثر الأغنياء من المسلمين ، وإن لم يطلقوا بمثل هذا ألسنتهم ، فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به ، منادية عليه.
وأقسم على أنه إن رد إلى ربه ـ على سبيل الفرض والتقدير ـ ليجدن في الآخرة خيرا من جنته في الدنيا ، تطمعا وتمنيا على الله ..» (١).
ثم حكى ـ سبحانه ـ بعد ذلك ما قاله الرجل المؤمن لصاحب الجنتين ، الذي نطق بأفحش ، وأفجر الفجور ، فقال ـ تعالى ـ :
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٣٧) لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً (٣٨) وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً (٣٩) فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً) (٤١)
أى : قال الرجل الفقير المؤمن ، في رده على صاحبه الجاحد المغرور ، منكرا عليه كفره قال له على سبيل المحاورة والمجاوبة : يا هذا (أَكَفَرْتَ) بالله الذي «خلقك» بقدرته
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٢ ص ٤٨٤.