بعد ، كما يسمعه من قرب : أنا الملك ، أنا الديان ، لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ، وله عند أحد من أهل الجنة حق ، حتى أقصه منه ، أى : حتى أمكنه من أخذ القصاص ، وهو أن يفعل به مثل فعله ، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ، وله عند رجل من أهل النار حق ، حتى أقصه منه ، حتى اللطمة.
قال : قلنا : كيف وإنما نأتى الله ـ عزوجل ـ عراة غرلا بهما؟ قال : بالحسنات والسيئات (١).
وبعد أن وضح ـ سبحانه ـ من أهوال الحشر ما تخشع له النفوس ، وتهتز له القلوب ، أتبع ذلك بالنهى عن اتخاذ إبليس وذريته أولياء ، وببيان جانب من المصير الأليم الذي ينتظر المجرمين وشركاءهم فقال ـ تعالى ـ :
(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (٥٠) ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً (٥٢) وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) (٥٣)
فقوله ـ سبحانه ـ : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ، فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ). تذكير لبنى آدم بالعداوة القديمة بين أبيهم آدم وبين إبليس وذريته.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٥ ص ١٦٢.