وقدم موسى ـ عليهالسلام ـ المشيئة ، أدبا مع خالقه ـ عزوجل ـ واستعانة به ـ سبحانه ـ على الصبر وعدم المخالفة.
وهنا يحكى القرآن الكريم أن الخضر ، قد أكد ما سبق أن قاله لموسى ، وبين له شروطه إذا أراد مصاحبته ، فقال : (قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً).
أى : قال الخضر لموسى على سبيل التأكيد والتوثيق : يا موسى إن رافقتنى وصاحبتنى ، ورأيت منى أفعالا لا تعجبك ، لأن ظاهرها يتنافى مع الحق. فلا تعترض عليها ، ولا تناقشني فيها ، بل اتركني وشأنى ، حتى أبين لك في الوقت المناسب السبب في قيامي بتلك الأفعال ، وحتى أكون أنا الذي أفسره لك.
قالوا : «وهذا من الخضر تأديب وإرشاد لما يقتضى دوام الصحبة ، فلو صبر موسى ودأب لرأى العجب (١).
ثم تحكى السورة بعد ذلك ثلاثة أحداث فعلها الخضر ولكن موسى لم يصبر عليها ، بل اعترض وناقش ، أما الحادث الأول فقد بينه ـ سبحانه ـ بقوله :
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً) (٧٣)
وقوله : (فَانْطَلَقا) بيان لما حدث منهما بعد أن استمع كل واحد منهما إلى ما قاله صاحبه.
أى ؛ فانطلق موسى والخضر ـ عليهماالسلام ـ على ساحل البحر ، ومعهما يوشع بن نون ، ولم يذكر في الآية لأنه تابع لموسى.
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١١ ص ١٨.