وفضلا ، وأن من معالم الخلق الكريم ، أن يعين الإنسان المحتاج إلى عونه ، وأن يقدم له ما يصونه عن الوقوع تحت وطأة الظالمين المفسدين ، وأن من الأفضل أن يحتسب ذلك عند الله ـ تعالى ـ. وألا يطلب من المحتاج إلى عونه أكثر من طاقته.
كما أن من أبرز صفات المؤمنين الصادقين : أنهم ينسبون كل فضل إلى الله ـ تعالى ـ وإلى قدرته النافذة ، وأنهم يزدادون شكرا وحمدا له ـ تعالى ـ كلما زادهم من فضله ، وما أجمل وأحكم أن تختتم قصة ذي القرنين بقوله ـ تعالى ـ : (قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ، فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا).
* * *
ثم تسوق السورة الكريمة بعد قصة ذي القرنين آيات تذكر الناس بأهوال يوم القيامة ، لعلهم يتوبون ويتذكرون.
استمع إلى السورة الكريمة وهي تصور ذلك فتقول :
(وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (٩٩) وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (١٠٠) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً) (١٠٢)
وقوله : (وَتَرَكْنا) بمعنى جعلنا وصيرنا ، والضمير المضاف في قوله «بعضهم» يعود إلى يأجوج ومأجوج ، والمراد «بيومئذ» : يوم تمام بناء السد الذي بناه ذو القرنين.
وقوله ـ سبحانه ـ (يَمُوجُ) من الموج بمعنى الاضطراب والاختلاط يقال : ماج البحر إذا اضطرب موجه وهاج واختلط. ويقال : ماج القوم إذا اختلط بعضهم ببعض وتزاحموا حائرين فزعين.
والمعنى وجعلنا وصيرنا بمقتضى حكمتنا وإرادتنا وقدرتنا ، قبائل يأجوج ومأجوج يموج