وهكذا أخذ الله ـ تعالى ـ هؤلاء المجرمين أخذ عزيز مقتدر ، حيث أهلكهم بهذه العقوبة التي تتناسب مع جريمتهم ، فهم قلبوا الأوضاع ، فأتوا بفاحشة لم يسبقوا إليها ، فانتقم الله ـ تعالى ـ منهم بهذه العقوبة التي جعلت أعلى مساكنهم أسفلها.
ثم ساقت السورة الكريمة بعض العبر والعظات التي يهتدى بها العقلاء من قصتي إبراهيم ولوط ـ عليهماالسلام ـ كما ساقت بعد ذلك جانبا من قصتي شعيب وصالح ـ عليهماالسلام ـ فقال ـ تعالى ـ :
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧) وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (٧٩) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْناهُمْ آياتِنا فَكانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٨١) وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨٤)
فاسم الإشارة في قوله ـ سبحانه ـ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) يعود إلى ما تضمنته القصة السابقة من عبر وعظات.
والآيات جمع آية ، والمراد بها هنا الأدلة والعلامات الدالة على ما يوصل إلى الحق والهداية. والمتوسمون : جمع المتوسم ، وهو المتأمل في الأسباب وعواقبها ، وفي المقدمات ونتائجها ..
قال القرطبي ما ملخصه : التوسم تفعل من الوسم ، وهي العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيره. يقال : توسمت في فلان الخير ، إذا رأيت ميسم ذلك فيه ، ومنه قول عبد الله ابن رواحة للنبيصلىاللهعليهوسلم.
إنى توسمت فيك الخير أعرفه |
|
والله يعلم أنى ثابت البصر |