وقرأ حمزة والكسائي : (لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً) ـ بضم الواو الثانية وسكون اللام ـ ، وقرأ الباقون بفتحهما. قالوا : والقراءتان بمعنى واحد كالعرب والعرب. ويرى بعضهم الولد بالفتح للمفرد ، والولد ـ بضم الواو وسكون اللام ـ للجمع.
وقد رد الله ـ تعالى ـ على هذا المتبجح المغرور ردا حكيما ملزما فقال : (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً* كَلَّا ...)
والاستفهام للإنكار والنفي ، والأصل : أاطلع فحذفت همزة الوصل للتخفيف.
والمعنى : إن قول هذا الجاهل إما أن يكون مستندا إلى اطلاعه على الغيب وعلمه بأن الله سيؤتيه في الآخرة مالا وولدا ، وإما أن يكون مستندا إلى عهد أعطاه الله ـ تعالى ـ له بذلك.
ومما لا شك فيه أن كلا الأمرين لم يتحققا بالنسبة له ، فهو لم يطلع على الغيب ، ولم يتخذ عند الله عهدا ، فثبت كذبه وافتراؤه ، ولذا كذبه الله ـ تعالى ـ بقوله (كَلَّا) وهو قول يفيد الزجر والردع والنفي.
أى : كلا لم يطلع على الغيب ، ولم يتخذ عند الرحمن عهدا. بل قال ذلك افتراء على الله.
وقوله ـ سبحانه ـ : (سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا. وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً) بيان للمصير السيئ الذي سيصير إليه هذا الشقي وأمثاله ، و (نَمُدُّ) من المد وأكثر ما يستعمل في المكروه.
أى : سنسجل على هذا الكافر ما قاله ، ونحاسبه عليه حسابا عسيرا ، ونزيده عذابا فوق العذاب المعد له ، بأن نضاعفه له ؛ ونطيله عليه (وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ) أى : ما يقول إنه يؤتاه يوم القيامة من المال والولد ، بأن نسلبه منه ، ونجعله يخرج من هذه الدنيا خالي الوفاض منهما ، وليس معه في قبره سوى كفنه ، (وَيَأْتِينا فَرْداً) أى : ويأتينا يوم القيامة بعد مبعثه منفردا بدون مال أو ولد أو خدم أو غير ذلك مما كان يتفاخر به في الدنيا هو وأشباهه من المغرورين الجاحدين.
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قيل : سنكتب بسين التسويف وهو كما قاله كتبه من غير تأخير قال ـ تعالى ـ : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)؟.
قلت : فيه وجهان : أحدهما : سنظهر له ونعلمه أنا كتبنا قوله على طريقة قول الشاعر :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة |
|
ولم تجدى من أن تقرى بها بدا |
أى : تبين وعلم بالانتساب أنى لم تلدني لئيمة.
والثاني : أن المتوعد يقول للجاني : سوف أنتقم منك ، يعنى أنه لا يخل بالانتصار وإن