جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).
فقد فسّر أغلب المفسّرين كلمة الجهاد بمعناها ومفهومها العام ، الذي يشمل الجهاد الأصغر والأكبر ، أو بخصوص معنى الجهاد الأكبر ، وكما قال المرحوم العلّامة الطّبرسي في كتابه مجمع البيان ، أنّ أكثر المفسّرين ذهبوا إلى أنّ المقصود من حقّ الجهاد ، هو إخلاص النيّة والأعمال والطّاعات لله تعالى (١).
وقد ذكر العلّامة المجلسي رحمهالله هذه الآية ، في زمرة الآيات النّاظرة للجهاد الأكبر (٢) كذلك.
وجاء في الحديث المعروف عن أبي ذرّ رحمهالله أنّه قال : قُلتُ يا رسُولَ اللهِ أَيُّ الجِهادِ أَفضَلُ؟
فَقالَ صلىاللهعليهوآله : «أَنْ يُجاهِدَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ وَهَواهُ» (٣).
وكما ورد في حديث : جنود العقل وجنود الجهل ، هذا المعنى أيضاً ، إذ يُشبّه حياة الإنسان بساحةِ حربٍ ، العقلُ جنوده في جهةٍ ، والجهلُ وهوى النّفس وجنودهما في الجهة المقابلة ، فهذان المعسكران ، يعيشان دائماً في حالة حربِ سِجالٍ ، ومن خلال هذا النّزاع ، ومعطيات حالات الصّراع في أعماق النّفس ، تتولد الكمالات المعنويّة للإنسان ، وذلك عند ما ينتصر العقل وجنوده ، والنّصر الآني ، هو السّبب في التّقدم النّسبي للكمالات الإنسانيّة.
النظريّة الثّانية : نظريّة الطّب الرّوحاني
فقد ذهبوا إلى أنّ الرّوح كجسم الإنسان ، تُصاب بأنواع الأمراض ، ولأجل الشّفاء يتوجب اللّجوء إلى أطبّاء النّفس والرّوح ، والاستعانة بأدوية الأخلاق الخاصّة ، حتى تبقى الرّوح سالمةً ونشطةً وفعّالةً.
والجدير بالذكر ، أنّ القرآن الكريم أشار إلى الأمراض الأخلاقية والروحية ، في إثنى عشر موضعاً ، وعبّر عَنها بالمرض (٤) ، ومنها الآية (١٠) من سورة البقرة ، إعتبرت النِّفاق من
__________________
١ ـ مجمع البيان ، ج ٧ ، ص ٩٧.
٢ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٧ ، ص ٦٣.
٣ ـ ميزان الحكمة ، ج ٢ ، ص ١٤١.
٤ ـ سورة البقرة ، الآية ١٠ ؛ سورة المائدة ، الآية ٥٢ ؛ سورة الأنفال ، الآية ٤٩ ؛ سورة التوبة ، الآية ١٢٥ ؛ سورة الحج ، الآية ٥٣ ؛ سورة النور ، الآية ٥٠ ؛ سورة الأحزاب ، الآية ١٢ و ٣٢ و ٦٠ ؛ سورة محمد ، الآية ٢٠ و ٢٩ ؛ سورة المدثر ، الآية ٣١.