الجبروت!. والقصد من الدخول في مرحلة الجبروت ، هو أنّ الإنسان يصل إلى مرحلةٍ من الصّفاء والإخلاص ، يكون فيها مندّكاً في ذاتِ الله تعالى ، وله نفوذٌ وسلطةٌ على الامور ، فيتحرك في أداء وظائفه الإلهيّة ، وإرشاد الناس ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، من موقع المسؤولية والإنضباط في خط الرّسالة ، ويكون على بصيرةٍ كاملةٍ من أمره.
أو الأحرى ، ينسى نفسه ، ويكون على علمٍ بكلّ المسائل والوظائف والأحكام والآداب الشرعية ، وطرق السّير والسّلوك ، ويكون تشخيصه لِلأمراض والأدوية دقيق جدّاً ، كالطّبيب الحاذق الذي يعرف الدّاء والدّواء ويشخصه جيّداً (١).
والجدير بالذّكر أنّه قد استدلّ لكلّ هذه المطالب في كتابه ، بالآيات والرّوايات الإسلاميّة ، كشاهدٍ على مُدّعاه.
خلاصة ما تقدم من مذاهب السّير والسّلوك :
يُستفاد ممّا تقدّم من تعليمات أرباب هذا الفن ، والطريق : (الذين مشوا في نهج الإسلام الأصيل وطريق أهل البيت عليهمالسلام لا المتصوفة) ، اصولٌ مشتركةٌ في عمليّةِ السّيرِ والسّلوك إلى الله وهي :
١ ـ أنّ الهدف الأصلي ، هو لقاء الله وشهود ذاته المقدسة ، بالبصيرة والحُضور الروحي المعنوي عنده.
٢ ـ للوصول لهذا الهدف ، ينبغي التّحرك أولاً من موقع التوبة من جميع الذنوب والرذائل الأخلاقية ، والتّحلي بالفضائل.
٣ ـ في هذا الطريق يجب أن لا ينسى الآداب الأربعة : المشارطة ، والمراقبة ، والمحاسبة ، والمعاقبة ، يعني يُشترط في الصّباح على نفسه ، أن لا يذنب ولا يخالف رضا الباري تعالى ، ويراقب نفسه في طول النّهار وفي اللّيل وعند النوم ، يجلس للمحاسبة ، وإذا ما صدرت منه مخالفةٌ يعاقب نفسه بتركه لأنواع اللّذائذ.
٤ ـ التّصدي لهوى النفس من موقع المخالفة ، لأنّ الهوى هو من أكبر السّدود في هذا
__________________
١ ـ للإطّلاع ، يرجى الرجوع إلى كتاب : «لقاء الله» ، للعلّامة الكبير المُصطفوي.