تهذيب النفس ، بحيث إذا لم يكن تحرك الإنسان في خطّ التّهذيب النّفسي والتّزكية الأخلاقية ، تحت إشراف المرشد ، فسوف يختل برنامج التربية والأخلاق والتّقوى ، ويتعطل السّير والسّلوك في حركة الواقع النفسي والمعنوي لدى الفرد ، لأنّ الكثير من الأشخاص إلتزموا بالرّوايات والآيات والأحاديث الإسلامية ، وعملوا بها ، ووصلوا إلى مقاماتٍ عالية ودرجاتٍ كبيرةٍ دون الإستعانة بمرشدٍ أو معلّمٍ خاصٍ على مستوى التّربية الأخلاقيّة ، وطبعاً لا يمكن إنكار فائدة الأساتذة والمرشدين وتوجيهاتهم القيّمة ، فهم عناصر جيّدة للوصول إلى المقصود من أقرب الطرّق ، ومعدّات فاعلةٌ لمواجهة المشاكل الأخلاقيّة لتحديات الواقع ، وحلّها وفق مستجدّات الواقع ومستلزمات العقيدة.
وجاء في نهج البلاغة أيضاً : «أيُّها النّاسُ استَصبِحُوا مِنْ شُعْلَةِ مِصبَاحٍ ، وَاعظٌ مُتَّعِظٌ» (١).
ولكن وللأسف نجد في كثير من الموارد ، أنّ النّتيجة كانت عكسيّة ، فكثير من الأشخاص عرّفوا أنفسهم بأنّهم مرشدون للناس في سلوك سبيل التّربية والتّهذيب ، ولكن اتّضح بأنّهم قطّاع طُرق ، وكمْ من الأشخاص الطّاهرين الطالبين للحقّ إنخدعوا بهم ، وساروا في طريق التّصوف أو الإنحراف ، وسقطوا في منحدر الرّذيلة ، وارتكبوا مفاسد أخلاقية كبيرة ؛ وعليه فنحن بدورنا نحذّر السّائرين على هذا الطّريق ، إذا ما أرادوا الإستفادة من الحضور ، عند استاذ ومرشدٍ في المسائل الأخلاقيّة ، فيجب أن يتوخّوا جانب الحذر والإحتياط ، وليتأكدوا من حقيقة الأمر ، ولا يغترّوا بالمظاهر الخادعة ، بل ليتفحّصوا عن سوابقهم ، وليشاوروا أصحاب الفنّ في هذا المجال ، كي يصلوا إلى غايتهم المنشودة.
دور الواعظ الداخلي (الباطني):
تكلّمنا عن دور الواعظ الخارجي بصورةٍ كافيةٍ ، والآن جاء دور الواعظ الداخلي ؛ حيث يستفاد من بعض الأخبار والروايات الإسلامية أنّ الضّمير الحيّ هو الواعظ الداخلي والباطني للإنسان ، وله دور مهم في السّير على طريقِ التّكامل الأخلاقي والتّقوى ، وبالأحرى
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ١٠٥.