حال كون الصّديق فاسداً ومنحرفاً ، في دائرة السّلوك الأخلاقي ، فسيؤثّر على صديقه السليم ، من موقع الانحراف كذلك ، والعكس صحيح أيضاً ، فالكثير من المؤمنين ، والأقوياء الإرادة ، إستطاعوا أن يؤثّروا على زملائهم الفاسدين ، على مستوى الهداية والإصلاح ، بحيث جعلوا منهم اناساً أتقياء ، وملتزمين في دائرة السّلوك الدّيني والأخلاقي.
ونعود للقرآن الكريم ، والآيات الّتي تتناول هذ الموضوع :
١ ـ (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ* وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ* حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)(١).
٢ ـ (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ* يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ* أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ* قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ* فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ* قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ* وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ)(٢).
٣ ـ (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً)(٣).
تفسير وإستنتاج :
الآيات الاولى ، التي وردت في محلّ البحث ، تحدّثت عن جلوس الشّيطان ، مع الغافلين عن ذكر الله ، من منطق الغُواية ، وتوضح تأثير قرين السّوء ، في السّلوك الأخلاقي للإنسان ومستقبله ، فتقول أولاً : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)(٤).
__________________
١ ـ سورة الزخرف ، الإية ٣٦ إلى ٣٨.
٢ ـ سورة الصافات ، الآية ٥١ إلى ٥٧.
٣ ـ سوره الفرقان ، الآية ٢٧ إلى ٢٩.
٤ ـ ذكروا معانٍ مختلفة لكلمة «نُقيّض» ، والتي هي من مادة قيض ، فالبعض قال : إنّها بمعنى التسبيب ، والبعض الآخر : بمعنى التقدير ، والبعض الآخر : كالراغب قال : هي بمعنى إستيلاء القيض على البيض ، وهو القشر الأعلى.