يبيّن لنا هذا الحديث أهمية الأخلاق وفضائلها ، إذ هي ليست سبباً في النجاة في الاخرى فقط ، بل هي سبب لصلاح الدّنيا أيضاً ، (وسنتناول هذا البحث مفصّلاً في القريب العاجل إن شاء الله تعالى).
٣ ـ الحديث الآخر الذي ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث قال :
«جَعَلَ اللهُ سُبحانَهُ مكارمَ الأخلاقِ صِلةً بينه وبين عبادِهِ فحسب أَحدِكُم أَن يتمسّكَ بخُلقٍ مُتَّصلٍ باللهِ» (١).
وبعبارةٍ اخرى : أنّ الباري تعالى هو المعلم الأكبر للأخلاق ، وهو مربّي النّفوس ، ومصدر لكلّ الفضائل ، والقرب منه تعالى لا يتمّ إلّا بالتّحلي بالأخلاق الإلهيّة.
وعلى هذا نرى أنّ كلّ فضيلةٍ يتحلى بها الإنسان ، تؤدي إلى تعميق العلاقة بينه وبين ربّه ، وتقربه من الذّات المقدّسة أكثر فأكثر.
وحياة المعصومين عليهمالسلام كلّها تبيّن هذهِ المسألة ، فإنّهم كانوا دائماً يدعون إلى الأخلاق ، والتّحلي بالفضائل ، وهم القُدوة الحسنة في سلوك هذا الطريق ، وسنتطرق في المستقبل إلى نماذج من أخلاقيّاتهم عليهمالسلام ، ويكفي شرفاً للرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّ الله تعالى نعته في سورة القَلم :
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). (٢)
إشارات مهمة :
١ ـ تعريف علم الأخلاق
أخلاق جمع خُلق (على وزن قُفل) ، وخُلُق على وزن افُق ، وعلى حد تعبير الرّاغب في كتابه المفردات ، أنّ هاتين الكلمتين ترجعان إلى أصلٍ واحدٍ ، وهو «خلق» بمعنى الهيئة والشّكل الذي يراه الإنسان بعينه ، والخُلق بمعنى القوى والسّجايا الذاتية للإنسان.
ولذا يمكن القول بأنّ : «الأخلاق هي مجموعة الكمالات المعنويّة والسّجايا الباطنيّة
__________________
١ ـ تنبيه الخواطر ، ص ٣٦٢.
٢ ـ سورة القلم ، الآية ٤.